السياحة.. القطاع الستراتيجي المهمل

آراء 2023/04/29
...

  عباس الصباغ


لا يزالُ المشهد الاقتصادي العراقي بحاجة ماسة إلى عناصر كفوءة تتناول عناصر الجدوى والجدية، خاصة في مجال تنويع الموارد كالزراعة والصناعة والصناعات التحويلية وايضا السياحة ومنها الدينية، اذ تشير اكثر التقارير تفاؤلا إلى أن العراق يتمتع ببيئة سياحية واعدة تؤهله، ليكون جاذباً للسياحة طيلة ايام السنة وظروفها ومناسباتها، اذ يمتلك مجموعة من العوامل التي تجعله في مقدمة البلدان الجاذبة للسياحة فهو يمتلك قطاعا سياحياً متكاملاً، فيه جميع انواع السياحات، والمنتشرة في جميع مناطق البلاد، منها الدينية (لكل المذاهب والاديان والاعراق) والاثارية (لكل الحضارات التي سادت ارض الرافدين) والطبية والترفيهية، فلو استغلت هذه المواقع استغلالا بتخطيط ستراتيجي محكم ووفق امكانات حكومية/ شعبية/ استثمارية رصينة لأصبح العراق قبلة العالم في جميع انواع السياحة المعروفة، اذ تشير الكثير من الدراسات إلى أن الاستثمار الجيد لملف السياحة يمكنه من جذب 10 ملايين سائح سنوياً، اي بما يكفي من تحقيق 10 % من الموازنة العامة كما يمكنه من رفد الموازنات العامة وتحسين الواقع المعاشي للبلد، إضافة إلى كسر احتكار الريع النفطي للاقتصاد الوطني، كما يمكنه وضع خارطة طريق لمستقبل الاقتصاد العراقي الريعي في ما لو نضب النفط، وتغيرت مصادر الاستهلاك النفطي وتوجه العالم نحو الطاقة المتجددة وهو متوقع في المستقبل المنظور وهو ماسيشكّل معضلة اقتصادية للأجيال العراقية القادمة، ويزيد الطين بلة بقاء ملايين الامتار المكعبة من الغاز الطبيعي تُهدر يوميا ومنذ عقود ودون ان تفكر اية حكومة في استثمارها.

لذا صار من الواجب كخريطة طريق للمستقبل تفعيل التنمية السياحية الهادفة إلى الإسهام في زيادة الدخل القومي (تنشيط الفعاليات الاقتصادية)، وتوفير فرص العمل للعاطلين وتشغيل الأيدي العاملة(تنشيط القوى العاملة ) فضلا عن توفير العملة الصعبة للبلد وإعادة تأهيل البنى التحتية، ناهيك عن زيادة الدخل القومي من خلال تأسيس مشاريع استثمارية سياحية ستراتيجية، يمكن ان ترفد الموازنات العامة بالبدائل المالية بتنويع الموارد التي تدخل في رفد الموازنات المالية العامة ومنها السياحة.

ولكن نشوة التفاؤل تنحسر لوجود تحديات تمثلت بالهاجس الامني، الذي ألقى بظلاله السود على كل القطاعات الاقتصادي، ومنها السياحة التي لاتنشط في ظل وضع امني متدهور ومريب، والتحدي الثاني فقد تمثّل بمتلازمة الفساد الاداري والمالي والبيروقراطية ومعرقلات الاستثمار الداخلي والخارجي وعدم وجود بيئة قانونية وتشريعية مناسبة للاستثمار السياحي، يضاف اليها هشاشة البنى التحتية التي تعد مثبطّا حقيقيا للواقع السياحي الذي ظل يراوح مكانه دون ان يتقدم قيد انملة، بسبب ان هذا القطاع الاقتصادي الستراتيجي كان ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ولحد الان تحت هامش التفكير الحكومي في تفعيل القطاعات المساندة للنفط فبقيَّ قطاعا هامشيا.