اجتماع موسكو الرباعي.. خطوة لانهاء المسألة السوريَّة

آراء 2023/05/02
...

 محمد صالح صدقيان 

  في الوقت الذي كان المجتمع الدولي والاقليمي منشغلا في الحدث السوداني الذي اشتعل سريعا؛ عٌقد في موسكو اجتماع مهم علی الصعيد الاقليمي شارك فيه وزراء دفاع كلا من روسيا وتركيا وايران وسوريا، إضافة الی مسؤولين كبار في الاجهزة الامنية لهذه الدول. هذا الاجتماع الذي يعتبر الأول من نوعه علی هذا المستوی لجهة مشاركة سوريا الی جانب الدول الثلاث، التي عملت علی مدی خمس سنوات لخفض التوتر في المناطق السورية في إطار مسار استانة.

أهمية الاجتماع الرباعي أنه سعی لبحث آلية عودة الاستقرار للمناطق السورية وتامين السيادة الوطنية لها، وعودة اللاجئين إلی مناطقهم باعتبارها قضية انسانية. 

لم يكن متوقعا نجاح الاجتماع في تحقيق كامل أهدافه بسبب ارتباط المسألة السورية بعدة جهات وملفات خارج الاجتماع؛ لكنه كان خطوة في الاتجاه الصحيح.

فالقوات الأمريكية ما زالت متواجدة في الاراضي السورية خصوصا وان واشنطن اعلنت انها ليست بوارد الانسحاب من سوريا راهنا في حين لازال الكيان الاسرائيلي يهدد الامن السوري باعتداءاته المتكررة علی مناطق متعددة من سوريا؛ إضافة إلی أن التفاهمات الاقليمية غير مكتملة في عودة سوريا للاجماع العربي، بالرغم من الزيارات المتبادلة التي قام بها وزيرا خارجية السعودية وسوريا لدمشق والرياض.

مصادر ايرانية قالت ان الاجتماع الرباعي عقد بمبادرة ايرانية روسية مشتركة في اطار الجهود، التي تبذلها طهران وموسكو من أجل إعادة الأمن والاستقرار لسوريا. وتضيف هذه المصادر أن الاجتماع جاء استنادا للوضع الميداني، الذي تحقق في مختلف المناطق السورية لتعزيز السيادة الوطنية برحيل جميع القوات الاجنبية بما في ذلك القوات التركية والقوات الامريكية؛ حيث شدد البيان الختامي علی تكييف التعاون لمواجهة الارهاب وتعزيز الأمن وتطبيع العلاقات السورية التركية، لأنها تشكل عقبة مفصلية نحو استتباب الامن والاستقرار في سوريا. 

وتتحدث المصادر إلی أن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار نقل في الاجتماع أن تركيا كانت إحدی ضحايا الازمات، التي سببتها السياسة الامريكية في المنطقة مما دفع المجتمعون للتركيز في بيانهم الختامي علی ضرورة غلق جميع الفرص امام التدخل الامريكي، وتحقيق الامن المستدام دون تدخل القوی الاجنبية.

ويشكل التواجد الامريكي شرق الفرات إحدی العقبات الجدية لعودة الامن والاستقرار والسيادة السورية، حيث ما زال الجانب الامريكي يعمل علی تعزيز تواجده شرق الفرات، ويمد قواته بمختلف الاسلحة والتجهيزات العسكرية؛ وهو يعمل جاهدا علی افشال اي نجاح تحققه روسيا ليس في سوريا فحسب وإنما في اية بقعة في العالم؛ في الوقت الذي تشعر دول المنطقة أن السلوك الأمريكي والأوروبي والغربي بشكل عام في أوكرانيا وافغانستان، لايعطي الثقة في الاعتماد علی الغرب لحل مشاكلها الامنية والسياسية. 

ويسود الاعتقاد ان لقاء أوردغان الاسد – أن حدث – سيشكل نقطة ايجابية مهمة علی صعيد ايجاد تفاهمات بعد عودة العلاقات بين دمشق وأنقرة، لكن هذه الأمنية تصدم راهنا بنتائج الانتخابات التركية، التي تدخل علی خط المصالحة بين الرئيسين التركي رجب طيب اردغان والسوري بشار الاسد. الا ان الواضح ان انقرة لديها قلق من تواجد عناصر حزب العمال التركي في المناطق السورية، وما لم تتم ازالة هذا القلق لا يمكن التكهن بانسحاب القوات التركية بهذه السهولة والبساطة، اللهم إلا إذا حصلت تعهدا من الراعي الروسي. 

وقبل الاشارة للموقف الايراني فإن أطراف الاجتماع الرباعي تنظر للمواقف العربية وطريقة تعاطيها مع الملف السوري وهي فرصة لصناعة تفاهمات اقليمية جديدة والالتفاف علی العرقلة الأمريكية. 

متابعون للشان السوري التركي يعتقدون أن أي تقدم علی خط انقرة دمشق سيقوي الحراك العربي والحراك الروسي، ويمنح روسيا فرصة توحيد اللاعبين أمام طاولة حوار أوسع. 

يبقی الجانب الايراني الذي يسعی للعب دور مؤثر في المعادلات الاقليمية، فإنه يسعی للتعاون مع الأطراف المؤثرة لاعادة الامن والاستقرار للمنطقة بعد ما أيقنت الأطراف المعنية أن الجهود الرامية لعزل طهران ومحاصرتها سياسيا واقتصاديا، لا يخدم مصالحها وأنها - اي طهران – يمكن أن تكون جزءا من الحل للمشاركة في الترتيبات الأمنية والسياسية، وفق خطة مستدامة لتعزيز الامن والاستقرار في هذه المنطقة. 

طهران تسعی من خلال جهودها لحل الخلافات بين دمشق وانقرة وايجاد الارضية المناسبة، لعقد اجتماع رباعي علی مستوی وزراء الخارجية تمهيدا لعقد لقاء قمة بين الرئيسين التركي رجب طيب أوردغان والسوري بشار الاسد.

وعلی الرغم من استمرار الخلافات السياسية والامنية بين سوريا وتركيا، التي تلقي بظلالها علی اجواء العلاقات الثنائية، إلا أن من الضروري ايجاد حلول ناجعة ومستدامة للمشكلات علی الحدود المشتركة بين البلدين.

لقد اثبتت إيران من خلال تعاطيها مع الدول الثلاث روسيا وتركيا وسوريا سواء في مسار استانة أو في مسار مواجهة الحركات الارهابية والتكفيرية وحفظ السيادة السورية بأنها دولة مسؤولة يمكن الاعتماد عليها في اية ترتيبات امنية تستطيع اعادة الامن والاستقرار لسوريا والحفاظ علی وحدة سوريا وسيادتها الكاملة علی اراضيها. تبقی مسألة وجود المستشارين الايرانيين فانها قالت بان هذا الامر يتعلق برغبة الحكومة السورية الشرعية وانها سوف تسحب جميع مستشاريها العسكريين مدی ما رغبت بذلك الحكومة السورية.