مزاح بايدن وصدمة ترامب

آراء 2023/05/04
...

  نرمين المفتي 

اعلنت (فوكس نيوز) يوم الاثنين الماضي طرد (تاكر كارلسون)، مقدم برامجها الاشهر. وإن كان اسلوب الطرد محترما لدرجة ما، اذ قالت بأنها توقفت عن التعامل معه، معربة عن شكرها له على «خدمته للشبكة كمضيف، وقبل ذلك كمساهم

 لافتة إلى أن آخر حلقة من برنامجه كانت الجمعة. ويذكر ان كارلسون من اكثر مقدمي البرامج متابعة في أميركا من خلال برنامجه (تاكر كارلسون هذه الليلة).. ولم تقدم (فوكس نيوز) اية اسباب لهذا القرار وكارلسون شخصيا صمت ليومين، وبث فيديو في صفحته على منصة (تويتر)، بدا فيه مدافعا عن نفسه وعن العديد من الاتهامات، التي وجهت إليه وأشار إلى أن «وسائل الإعلام الأميركية تعير اهتماما كبيرا لمناقشة القضايا التي لا معنى لها وغير ذات صلة». 

وأضاف «في الوقت ذاته لا تناقش القضايا المهمة بالتأكيد التي ستحدد مستقبلنا مثل الحرب والحريات المدنية واتجاهات العلم الجديدة والتغيرات الديموغرافية، وسلطة الشركات الكبيرة والموارد الطبيعية. وأضاف: «توصل كلا الحزبين السياسيين وممولهما إلى اتفاق حول ما هو المفيد بالنسبة لهما واتفقا على منع بحث هذه المسائل، مشيرا إلى أنه يتكون في هذه الحالة انطباع بأن الولايات المتحدة «دولة ذات حزب واحد». بينما ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) أن كارلسون كان «مصدرًا للخلافات المتكررة والصداع للشبكة بسبب تصريحاته حول كل شيء مثل العرق والمتحولين جنسيا وغيرها». ولكن من الواضح ان الشبكة وبعد أقل من أسبوع من موافقتها على دفع 787.5 مليون دولار في دعوى تشهير ضد شركة دمينيون لأجهزة التصويت، بينما هناك اتهامات أخرى تنتظره. وكان قد اتهم ايضا بدوره في تضليل نتائج الانتخابات الأمريكية في 2020.. 

وكارلسون من اكثر الشخصيات الإعلامية الامريكية كرها للمسلمين والعرب والقضية الفلسطينية وغير البيض ويميني متطرف، وكان يعبر عن هذا الكره علنا، أكثر من شبكته (فوكس نيوز)، التي أسسها (روبرت مردوخ) وتترأسه حاليا (لاتشلان مردوخ) والمعروفة بأنها مع (إسرائيل) دائما.. وكان من متابعي كارلسون الساسة والرؤساء في الولايات المتحدة الأمريكية، وذكرت الصحافة العالمية مرارا عن دوره في التلاعب بالرأي العام الامريكي، وأن هناك قرارات اتخذها كبار الساسة الامريكان في الحزب الجمهوري بتأثير منه. وأكدت شبكات أخبار عديدة أن هناك «تسريبات تكشف مفاجآت صادمة» عن دوره هذا.. والمعروف أن حرية الصحافة محترمة في الولايات المتحدة وكان لها دور في كشف العديد من الفضائح لرؤساء، البيت الابيض، الخارجية الامريكية وساسة كبار، سواء في الشأن الداخلي أو الخارجي، وللمثال وليس الحصر فضيحة (ووترغيت)، والتي فجرها الصحفي الامريكي المعروف (بوب وورد)، والتي استقال على اثرها الرئيس الامريكي نيكسون في 1972، وكان لهذه الصحافة دور في كشف وسائل التعذيب في سجن (ابو غريب) في نيسان 2004، والتي شكلت فضيحة كبرى لقوات الاحتلال الامريكي.. إلا أن هذه الحرية لا تعني بأن الصحافة الأمريكية حيادية، بل إنها ليست كذلك وكانت، غالبا، منحازة إلى سياسة البيت الابيض وقامت بتضليل الرأي العام الامريكي والعالمي..

 قال لي نعوم تشومسكي في 2004، في حوار أجريته معه أن الامريكي لا يقرأ في الصحف سوى المانشيتات، وحين غزو أمريكا لغرينادا، تم توجيه الصحف الكبرى بكتابة مانشيت تقول إن غرينادا تستطيع أن تحتل امريكا خلال ايام، بينما تستطيع امريكا ايقافها بيوم.. ثم طالبت القراء بالتصويت بنعم أو لا للغزو، وكانت النتيجة «نعم» 

للغزو.. 

وعبر ترامب عن صدمته بإنهاء عمل كارلسون، بينما بدا بايدن مرتاحا، ونقلت عنه الصحافة مزاحه في هذه القضية، قائلا في حفل الاستقبال السنوي لجمعية مراسلي البيت الأبيض يوم السبت الماضي «الحقيقة أنه يوجد لدينا الكثير لنفتخر به. لكن العمل لم ينته بعد. أو بالأحرى انتهى العمل بالنسبة لتاكر كارلسون».وبالمناسبة، لدينا على الفضائيات العراقية الخاصة، والتي لكل أجندتها حسب مصالح مالكها، إن كان رجل أعمال أو سياسي أو حزب، مقدمي برامج مثل كارلسون يؤثرون في الرأي العام العراقي، طبعا (ايجابيا) لا غبار عليه، اما (سلبيا) فالحديث يطول..