تركيا.. انتخابات وسياسات

قضايا عربية ودولية 2023/05/04
...

علي حسن الفواز



الانتخابات التركيَّة على الأبواب، والجميع يراهن على مفصليتها، وعلى خياراتها في الحسابات السياسيَّة والاقتصادية والأمنية، والمرشحون الأربعة- الرئيس إردوغان، كليتشدار أوغلو، محرم إنجه، سنان اوغان- يُصعّدون من خطابهم الانتخابي، لمواجهة واقعٍ متغير، وظروف اقتصادية تضع الديمقراطية على "كف عفريت" لاسيما بعد أسوأ زلزال شهدته تركيا في شباط الماضي، والذي تسبب بقتل أكثر من 50 ألف شخص، وملايين المشردين والنازحين.

استطلاعات الرأي توحي بوجود مزاجٍ انتخابي يسعى للتغيير، وإلى تنافسٍ سياسي كبير، قد يكشف عن مفاجآت رئاسية، أو عن خنادق برلمانية جديدة في منظومات الإدارة السياسية، وفي المواقف من المحاور الصراعية التي باتت تتخندق بها أوروبا، ودول حلفها العسكري "الناتو" الذي تمثل تركيا واحدة من عناصره العسكرية الفاعلة.

الرابع عشر من هذا الشهر هو "الموعد الفصل" الذي تشهده تركيا في انتخاباتها الرئاسية والبرلمانية، وعلى وفق سياقات تتطلب حصول الأحزاب المشاركة في الانتخابات على 7 % من الأصوات بمفردها، أو عبر تحالفاتها، لكي تدخل البرلمان، وبما يجعل ثقل التنافس البرلماني ضاغطاً في ترسيم حدود الخارطة الانتخابية في تركيا، لكن هذا التنافس بين الأحزاب لن يكتفي بالمعطيات الديمقراطية فقط، بل سيجعل من السياسة الاقتصادية رهاناً أكبر في نتائجها، على مستوى معالجة تداعيات الزلزال الكارثي، أو على مستوى مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا وارتفاع نسب التضخم فيها، فضلاً عن تحديد مستقبل علاقة تركيا بدول حلف الناتو، وبالصراع الأوكراني الروسي، وتعقيداته وعلاقته بمصالح وسياسات تركيا الإقليمية والدولية.

إجراءات الرئيس إردوغان ليست بعيدة عن البُعد الانتخابي، فإعلانه دخول تركيا إلى "نادي الدول النووية" خطوة لها حساسيتها على الواقع التركي، وعلى شعبيته الرئاسية بعد افتتاح محطة "اككويو" النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، بالتعاون مع إحدى الشركات الروسية، وهو ما يعني التأكيد على جرأته في الحديث العلني عن هوية أصدقاء تركيا، وعن مصالحها القومية، وكذلك في توجيهه رسالة إلى الداخل التركي، ولحسابات تدخل في تحويل هذا "الخطاب النووي/ الكهربائي" إلى خطاب سياسي، له معطياته في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.