علي الخفاجي
في الغالب تجدهم أول من يعطي لخدمة البلد وآخر من يوفى حقه، ونتيجة لذلك وجزاءً له، أمسى المتقاعد وبعلم الدولة رهين القوانين غير المفعلة لإنصافه وبين عدم الإنصاف من حيث المعاش بين قلتهِ وتأخيره في أحيان أخـر، وبين هذا وذاك ونتيجة لإغفاله لحقه الواجب؛ بات المتقاعدُ يأمل بين الحين والآخر بزيادة حقوقهِ لتأمين على الأقل حالته الصحية، بعد إن أمضى سنواتٍ طوال وطوال في خدمة البلد ليكسب قوتهِ وليكون عنصراً فعالاً في المجتمع، واذا به قد أتم الستين عاما من العمر ليتم اشعارهِ بإحالته على التقاعد، هذه هي نهاية حكاية الموظف، وعلى مدى السنوات الماضية وحقوق المتقاعدين مترنحة بين أدراج البرلمان، فهناك من ينادي بزيادتها دون مجيب، وبين ومن يقترح تعديل قانون التقاعد الذي لم يكن عادلاً في كثير من فقراته، وبالتالي سيلحق ظلماً كبيراً على شريحة واسعة من
المتقاعدين.
حزم الإجراءات التي أطلقتها الحكومة في ما يخص المتقاعدين تعتبر وللانصاف فيها الكثير من المزايا الإيجابية التي ستخدم وبشكل كبير المتقاعدين الجدد أو الذين سيحالون على التقاعد، حيث ستنهي هذه الإجراءات إن طبقت بشكل صحيح على البيروقراطية المملة، بدءاً من ترويج معاملة المتقاعد إلى الإجراءات الاخرى التي تؤرق وتثقل كاهل المحال على التقاعد، لكن السؤال الأهم ماهي الاجراءات الحكومية والبرلمانية لإنصاف الشريحة القديمة، والذين يعتبرون النسبة الأكبر خصوصاً اذا ماعلمنا بأن هنالك فوارق كبيرة بين الرواتب التقاعدية حيث إنه وبين الحين والآخر تتعالى الأصوات المطالبة بزيادة رواتب الحد الأدنى منهم إلى الضعف ليتمكنوا من الاكتفاء النسبي وصون
كرامتهم.
أمام الحكومة الحالية فرصة كبيرة لتمييزها عن الحكومات السابقة التي لم تحرك ساكناً بالنسبة لشريحة المتقاعدين وأغفلت حقوقهم، فمثلما قامت بإجراءات حكومية لتسهيل انجاز معاملات المتقاعدين وتسهيل إجراءاتهم، عليها أن تستمر باجراءاتها بالنسبة للمتقاعدين القدامى من خلال تحقيق العدالة وعدم الفوارق الكبيرة بين الرواتب وتوحيد الرواتب بالنسبة للمتقاعدين “عسكريين ومدنيين” على غرار القانون المقترح لتوحيد رواتب الموظفين، والنظر إلى المتقاعد على إنه شخص أفنـى عمره لخدمة البلد، فمثلما قام بواجباته له ايضاً حقوق، إضافة إلى المادية ايضاً معنوية من حيث الحياة الكريمة التي يجب أن ينعمُ بها، وكما على الحكومة إذا ما أرادت طي هذا الملف بتطبيق ماعليها فعله عليها ايضاً أن تخطوا خطواتاستثنائية وستحسب لها، من خلال بناء مستشفيات متخصصة لكبار السن لرعايتهم من خلال تقديم الخدمات الصحية، وإعادة التأهيل من خلال تلك الخدمات وبأسعار مدعومة، إضافة إلى تقديم تسهيلات مالية حقيقية من خلال القروض الميسرة من دون أي
تعقيدات.