حرب الرئاسات

قضايا عربية ودولية 2023/05/06
...

علي حسن الفواز



يبدو أنَّ حرب الرئاسات ستكون خياراً دراماتيكياً في سياق تعقّدات الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وعلى نحوٍ يدفع إلى خرق ما هو مألوف في قواعد الاشتباك، فروسيا التي اتهمت أوكرانيا بمحاولة اغتيال الرئيس فلاديمير بوتين، عبر طائرتين مسيَّرتين قصفتا الكرملين، تتهم اليوم الولايات المتحدة بوقوفها وراء هذا الهجوم الأوكراني على المقر الرئاسي الروسي، وهو ما يعني توسيع دائرة الاتهام، والبحث عن خيار عسكري أكثر تعقيداً، قد يطول المدن الأوكرانية، وربما مقر الرئاسة الأوكرانية ذاتها، وهو ما لم تُصرّح به روسيا علناً، لكنه يمكن أن يكون متسقاً مع تداعيات الخطوة الأوكرانية، في دلالتها العسكرية، أو في دلالتها الرمزية.

 الولايات المتحدة تصف الاتهام الروسي بالمزاعم، وتقول إنَّ «ربط علاقتها بالهجوم خاطئ، وإنها لا تُشجّع على ضرب أهداف خارج حدودها»، لكنَّ طبيعة الصراع «البارد» تجعل من لعبة الاتهامات بين الطرفين مفتوحة على احتمالات متعددة، وعلى نوايا يختلط فيها السياسي والأمني والإيديولوجي.

عملية القصف الرئاسي ليست بعيدة عن الخلفية السياسية، ولا عن علاقتها بما يُسمى «هجوم الربيع الأوكراني» ولا حتى بالسعي إلى خلق بيئة أمنية متوترة، لها أهدافها الجيوسياسية، والنفسية، وربما الإيحاء بصناعة القوة، وبأنَّ الأوكرانيين يملكون الوسائط للوصول إلى صنّاع القرار الروسي، وتهديد رمزيتهم السيادية، وبقطع النظر عن دخول هذا الأمر إلى حسابات «الحرب الباردة» فإنَّ تداعيات ذلك ستنعكس على مجريات ما يجري في السياسة، وفي الواقع، وفي دخول أطراف دولية تهدف إلى توسيع مديات الصراع، وهذا ما صرّحت به ماريا زاخروفا المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، بالقول: إنَّ «كل ما يفعله نظام كييف يقف وراءه الأميركيون والدول الغربية».

هذا الاتهام يرسم أفقاً سوداوياً لمستقبل العلاقة بين روسيا والغرب والولايات المتحدة، وتعثّر الحسابات السياسية في تغيير معادلات الصراع على الأرض، فضلاً عن فشل العقوبات المفروضة على روسيا، التي لم تُحقق الآمال المرجوة منها، وهذا ما يجعل البعض يندفع إلى البحث عن سيناريوهات أخرى، قد تكون خطيرة في إجراءاتها، لكنها تدخل في ما هو تجريبي، وفي خلق حالة جديدة للاستقواء الأمني والسياسي الدوليين.