تساؤلاتٌ وحلولٌ لنجاح الانتخابات المقبلة

آراء 2023/05/07
...

 سعد الراوي

تراودني الكثير من التساؤلات ضمن الحوارات المستمرة مع شخصيات ومراكز دراسات ونخب مثقفة، إذ يمكن ملاحظة أن الاهتمام الكبير منصب بالتفكير في موعد الانتخابات، بدلاً من التفكير بآلية إنضاج منظومة انتخابية واضحة ومفصلة، وقابلة للتنفيذ، إذ إن جميع التعديلات التي تصدر عقب كل انتخابات، تحتاج لمدارسة وحوارات مع كل المعنيين بالعملية السياسية وتَقَبُل كل المقترحات والملاحظات، قبل تشريع أي قانون أو تعديله.

وأدلو ببعض التساؤلات هنا، وهي مخاوف حقيقية من مهتم ومتابع متخصص في الانتخابات، فمن الضروري توفير إجابات وافية لها ومعالجات حقيقية وأُشير إلى أهمها: 

1 -  ليس الهدف هو تحديد موعد الانتخابات لكن الهدف يجب أن يكون هناك اتفاق، بأن تجري بأجواء آمنة ومنظومة انتخابية متكاملة أو شبه متكاملة، فهل تمت معالجة على الأقل الإشكالات الفنية، التي كادت أن تنهي العملية السياسية في انتخابات تشرين2021م؟

2 - معظم السجالات حول القانون الجديد تركزت حول طريقة توزيع المقاعد وانقسمت الأحزاب بين مؤيد ومعارض لطريقة سانت ليغو المعدل، ومن المؤلم أننا نسمع قادة أحزاب وسياسيين وإعلاميين يعدّون سانت ليغو قانوناً، وأنها شرعت للأحزاب الكبيرة كي تبقى وتنهي كل الأحزاب الناشئة، وهذا الرأي يحتاج مراجعة وحوارات عميقة ودراسة تحليلية لكل الانتخابات الماضية.

3 - هل تقدّم أي شريك رئيسي في العملية السياسية بورقة مفصلة لصناع القرار لطرح ومعالجة الإشكالات الفنية أو القانونية، ووضع مقترحات قابلة للتنفيذ ومقبولة من بقية الشركاء؟ وخصوصاً ممن كانوا يعترضون على استخدام المعدات الالكترونية في التصويت أو إعلان النتائج؟ ومعالجة أسباب تأخير إعلان النتائج وتشكيل الحكومة؟ وهل تم تعريف مصطلح {الكتلة الأكبر} في فقرات التعاريف؟

4 - هل تمت معالجة الإشكالات التي طرحها فريق المراقبة في بعثته للاتحاد الأوربي؟ فقد كان تقريرهم مهنيا، شخّص مواطن الضعف في المنظومة القانونية والإشكالات الفنية، هل تمت مراجعتها من قبل صناع القرار لتجاوز هذه الإشكالات؟ أم أن مشكلتنا في العراق فقط توزيع المقاعد أو ترسيم الدوائر! رغم أهمية ذلك لكن فقرات قوانين المنظومة الانتخابية، يجب أن تتضمن تفاصيل دقيقة أثناء تشريعها، ولا يمكن لصفحات قليلة أن تغطي جميع فقرات العملية الانتخابية، ولنا في قانون الانتخابات الأسترالي مثالاً، إذ تتجاوز عدد صفحاته 500 صفحة، مفصلة وموضحة، فعند أي حدثٍ طارئ يتكفل القانون بمعالجته كإجراء انتخابات مبكرة، والتي تُنشئ برلماناً جديداً خلال 36 يوماً فقط، من الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة! بينما قانوننا الانتخابي بحدود 20 صفحة، وتصدر المفوضية تقريبا 20 نظامًا، لاستكمال وتنفيذ هذا القانون وتلام عند تنفيذه. ألا نحتاج لمراجعة شاملة للمنظومة الانتخابية؟

5 - وجود خصومات وإشكالات سياسية، حيث هناك من يطالب بتغيير المفوضية وآخر ببقائها، فهل من المعقول في كل دورة انتخابية تتغير المفوضية وكادرها المهني المتخصص، فالمفروض أن تكون هناك مراقبة حثيثة ومستمرة وتقارير وتوصيات، سواءً من أحزاب أو منظمات محلية ودولية لتشخيص الخلل، ويطرح بشكل مهني لمجلس المفوضين أو للسلطة التشريعية لمعالجة أي إشكال قانوني أو فني، لكن من النادر وجود متابعة وتعاون بين شركاء العملية السياسية لتعزيز الثقة بينهم لإنجاح أي انتخابات قادمة، وهو سبب رئيس في تعثر المسار الديمقراطي، هل هناك معالجة لهذا الامر؟.

6 - سجل الناخبين هو العمود الفقري لأي انتخابات حرة نزيهة ففي القانون رقم 9 لسنة 2020م مادة 39 رابعاً {يصوّت عراقيو الخارج لصالح دوائرهم الانتخابية باستخدام البطاقة البايومترية حصراً}، ولعدم وجود هذه البطاقة لأغلب ناخبي الخارج وإشكالات أخرى تم إلغاء انتخابات الخارج، وفي مسودة القانون الجديد هناك فقرة حددت التصويت فقط بالبطاقة البايومترية، وفقرة أخرى تطالب بتشكيل لجنة لتدقيق سجل الناخبين في كركوك، ولكن لم نجد تساؤلات من أحزاب أو منظمات بضرورة استكمال سجل الناخبين قبل أي انتخابات حيث من المتوقع 10 ملايين ناخب، سيحرم من التصويت لعدم امتلاكهم بطاقة بايومترية ومعظم الناخبين الجدد لن يحصلوا على هذه البطاقة. التساؤل المهم متى يتعاون شركاء العملية السياسية لوضع جدول زمني لإكمال سجل الناخبين؟.

7 -  هل تم معالجة الإشكالات الفنية في الفرز والعد بطريقتين مختلفتين الكترونية وأخرى يدوية؟ فقراءة الأجهزة تختلف تماماً عن العد اليدوي ففي الانتخابات الأخيرة أكثر من 722 ألف ورقة اقتراع أُلغيت. حل هذه المشكلة ليست معقّدة لكن تحتاج لتعاون من أصحاب القرار مع الجهات الرسمية المختصة بتكنولوجيا المعلومات وخبرائها.

هل البيئة الثقافية سياسياً أو مجتمعياً مواءمة لإجراء انتخابات؟ بمعنى هل نحن بحاجة لمعهد متخصص بالثقافة الديمقراطية، ومناهج دراسة بمراحل متعددة وندوات وحوارات جمّة لخلق بيئة ثقافية واسعة أم لا؟. تساؤلاتي كثيرة ولا أرغب بسردها فقد كتبت عشرات الأوراق في ما يخص هذه التساؤلات وغيرها، ولا نقول استحالة إجراء انتخابات، بل نقول هناك إشكالات فنية وقانونية بكل المنظومة الانتخابية تحتاج لتعاون شركاء العملية السياسية لمعالجتها ووضع جدول زمني لاستكمالها قبل أي انتخابات قادمة، لتكون انتخابات مقبولة محلياً ودولياً، لتفضي إلى استقرار سياسي يعقبه استقرار أمني وازدهار البلد وإعماره. وهذه هي الغاية الرئيسة من إجراء انتخابات في مواعيدها الدستورية أو قبلها.  أخيراً حتى لا نكون نقّادا فقط ولا يائسين، بل ننتقد نقدا بناءً مع إعطاء مقترحات للحلول بأربع أوراق مما كتبته تتبعها عشرات المرفقات، تعطى لشركاء العملية السياسية الرئيسين وصناع القرار، عسى أن تطرح مع أوراق أخرى لمناقشتها ووضع الحلول الناجعة، لأجل انجاز انتخابات ذات مصداقية ومقبولة محليا ودوليا.