هويات وألقاب وكباب

آراء 2023/05/08
...

 حمزة مصطفى


 أسهل شيء في العراق يمكنك الحصول عليه هو.. لقب وهوية.

كل شيء متاح بسبب غياب التقاليد والمعايير. 

كل واحد منا لديه ما لا يقل عن ست أو سبع هويات، بينما هويته الأصلية التي هي المواطنة لا تزال موضع جدل ونقاش غير محسوم.

المحسوم الوحيد على صعيد هذه الهوية المختطفة، هو توظيفها على مستوى الطاقة الكهربائية، التي تنقسم إلى وطنية وسحب وبينهما الغاز المصاحب.

المواطن حامل الهويات الست أو السبع، وربما هناك من يحمل أكثر هذه الهويات لا يزال مختلفا مع نفسه مرة ومع الآخر مرة أخرى بشأن مايفترض إنها الهوية الأم أو أم الهويات مع أننا جميعا عراقيو الجنسية.

حتى نحن جرنا تصنفينا بين عراقيين الداخل وعراقيي الخارج. 

وهذه التقسيمة هناك من يراها بوصفها قسمة ضيزى. 

في النهاية لا خلاف رسميا أو إداريا على صورنا ومعلوماتنا حد التفاصيل الدقيقة المثبتة في هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية (الموحدة لاحقا)، وفي جواز السفر وبطاقة السكن والبطاقة التموينية أيام كان لها «شنة ورنة».

الخلاف يتمثل عند الحاجة إلى الاستناد على عراقيتك المثبة صورة وكتابة وبصمة وتوقيعا على سلسلة هوياتك الرسمية.

فحين تروم سحب أي من هذه المستمسكات لأي غرض كان لا تكفي كل هذه، بل تحتاج إلى مستمسك آخر هو تأييد المختار.

مختار محلتك الذي غالبا لا تعرف أين يسكن، وربما تحتاج إلى البحث طويلا قبل أن تهتدي اليه، لكي يثبت للجهات المسؤولة أنك «حباب وخوش ولد وإبن حلال» وصالح للسوق للخدمة العسكرية أو الذهاب إلى الفلوجة لتناول الكباب في البادية أو حجي حسين، شريطة أن تسمح لك خلية الصقور بالمرور دون سين وجيم. 

وعلى طاري سين وجيم السيطرات أتذكر دائما الحدود الفاصلة بين بعض الدول الأوربية حيث لا حدود بأسيجة ولا مخافر ولا.. قله بالغ. 

فالحدود بين فرنسا وبلجيكا مثلا بيت نصفه تابع لفرنسا ونصفه الآخر تابع لبلجيكا.

وكل نصف يدفع فاتورة الكهرباء والضرائب للدولة التي ينتمي اليها.

بالعودة الينا يبقى السؤال مطروحا.. لماذا إذن نحتاج إلى ألقاب وهويات أخرى نمر من خلالها عبر السيطرات أو نرفعها في وجه موظفي الإستعلامات؟

الإجابة بسيطة وهي أن هوية المواطنة لانحتاجها الإ بوصفها مستمسكا نمشي به معاملة جواز أو عقد شراء أوبيع عقار أو سيارة، وليست انتماءً مقرونا بإحساس حقيقي بأنك مواطن متساوي الدرجة مع أي مواطن آخر، بصرف النظر عن الانتماء إلى هويات أخرى يفترض أن تبقى فرعية.

مشكلتنا أن فقدان هوية المواطنة الموحدة، التي هي انتماء قبل أي أمر آخر أدى بنا إلى الإكثار من الهويات الأخرى، لأننا نحتاج إلى مثل هذه التعددية كون انتمائك الديني أو المذهبي أو العشائري أو الوظيفي أو الحزبي أو الجهوي، يحتاج إلى سلسلة هويات تعريفية تحل بالضرورة محل ما ينبغي أن تكون هوية واحدة.

في بريطانيا مثلا لو كان ريشي سوناك رئيس الوزراء الهندي الأصل احتاج إلى أكثر من هويته البريطانية بغض النظر عن جنسه ولونه ودينه لما أصبح رئيسا لوزراء بريطانيا بعد الف سنة.

إذن ليغسل يده أي ريشي سوناك عراقي.. تره ننتف ريشه.