استخدام العملات الوطنيَّة في التجارة بين إيران والهند

آراء 2023/05/08
...







  هشام داوود


 إن تقوية العلاقات الإيرانية الهندية ليست ضد أي بلد ولا تتأثر بإرادة الأطراف الأخرى.

هذا ما قاله علي شامخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الذي دعا بدوره إلى زيادة استخدام الريال الايراني والروبية الهندية في عمليات التبادل التجارية بينهما.

تم هذا الاتفاق على أثر الزيارة التي قام بها مستشار الأمن القومي الهندي (أجيت دوڤال) إلى طهران يوم الاثنين ولقائه مع نظيره الايراني، وتوصلا إلى أن استخدام العملات الوطنية في التجارة الثنائية بين إيران والهند سيساعد البلدين للوصول إلى أهدافهما الاقتصادية المشتركة.

لم يقتصر الاجتماع على هذه النقطة فحسب، وإنما تمت مناقشة القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية المتعلقة ببينهما، إضافة إلى أهم التطورات الإقليمية والدولية. كمراقبين للأوضاع السياسية نلاحظ أن التطورات العالمية والإقليمية الأخيرة قد خلقت ظروفا جيدة جدا لتعزيز التفاعلات بين البلدان في مجالات مختلفة منها الطاقة والنقل والتكنولوجيا والأعمال المصرفية. الجانب الإيراني رحب بالدور الذي تلعبه الهند في التطورات الإقليمية والدولية، خاصة أن طهران تعتبر ان المشاركات النشطة لنيودلهي في المبادرات السياسية والاقتصادية والأمنية مع بلدان آسيا الوسطى والدول الخليجية ضرورية ومفيدة.

اما رأي الجانب الهندي فكانت عن التأثير العميق للثقافة الإيرانية في الحياة اليومية للهنود هو علامة على العلاقات العميقة بين البلدين.


لاعب جديد في المنطقة

من الجدير بالذكر أن الاتفاق الأخير بين إيران والمملكة العربية السعودية لتطبيع علاقاتهما الدبلوماسية، سيكون له آثار إقليمية عميقة على تغيير العلاقات في النظام الدولي، لذلك شدد المسؤول الهندي على الحاجة إلى التعاون بين بلاده وإيران لتعزيز الاستقرار في أفغانستان، مشدداً على أن البلدين يجب أن يعملا سوياً للقضاء على الإرهاب التكفيري هناك. وقال إن الهند تعتبر ميناء شابهار (الذي بنته الهند في جنوب شرق إيران)، يعد بوابة لزيادة التعاون بين إيران والهند.

هنا يأتي السؤال المهم، لماذا لا نرى تحركا ودورا عراقيا مشابها لكلا الدورين الإيراني أو الهندي في المنطقة؟ ما الذي يفتقده العراق ليكون لاعباً جديدا وقوياً؟ ولماذا لا يوجد تقارب عراقي هندي في مجال المشاريع والبنى التحتية والتعاون الأمني والستراتيجي؟ خصوصاً أننا نشهد منذ ما يقارب السنة أو أكثر انحساراً تدريجياً للدور الأمريكي في المنطقة بشكل عام وليس في العراق فحسب، وعديدة هي الأسباب التي أدت إلى هذا الانحسار أهمها المشكلات الاقتصادية في الداخل الأمريكي وانهيار البنوك، إضافة إلى انشغال أمريكا بالحرب الروسية الأوكرانية ودعمها للأخيرة والتي كلفتها اموالاً هائلة، لماذا لا يكون العراق ضمن اللاعبين الأساسيين الجدد في المنطقة حاله من حال إيران والسعودية والهند؟

فجميع دول المنطقة بحاجة للعراق وتبحث على علاقات قوية معه كل حسب حاجته، والحكومة العراقية الحالية برئاسة السيد السوداني تعتبر حكومة نشطة واتضح ان لها تطلعات إيجابية وجيدة إضافة، لكونها تحظى بدعم وترحيب دولي على مستوى عال. فأتمنى ان يلتفت السيد السوداني وفريقه الحكومي وان يخطو خطا جيرانه في التعامل التجاري مع دول العالم، خصوصاً أن حكومته جادة في موضوع الإصلاح وتحسين الأداء الحكومي، وأتمنى أن تتم معالجة موضوع النظام المصرفي المتلكئ في العراق والإسراع في ادخال العراق ضمن نظام (سويفت العالمي) والذي بسببه غابت وابتعدت الكثير من دول العالم الصناعية الكبرى من العمل في العراق، خاصة دول مجموعة السبعة الكبرى(G7) وكذلك دول مجموعة العشرين (G20)، والتي تعد الهند من بين تلك الدول. فإن كان الحديث عن اعتماد الدينار العراقي في التبادلات التجارية الخارجية يعد امراً مستعجلا وان الوقت لا زال غير مناسب، فعلى اقل تقدير ينبغي معالجة المشكلات المتعلقة بما يخص الأنظمة المصرفية والحوالات الخارجية، مما له من أثر كبير على مستقبل البلد واعمار مدنه وتطوير بناه التحتية.