النزاعات القبليَّة تهديدٌ للسلم المجتمعي

آراء 2023/05/08
...

 أحمد الشطري

تشهد العديد من المناطق في بلدنا وخاصة في المحافظات الجنوبية نزاعات قبلية مختلفة ومتعددة، وغالبا ما يكون السلاح بنوعيه الثقيل والخفيف هو الفعل والوسيلة التي ينتهجها المتخاصمون في نزاعاتهم، وقد أدى هذا الأمر إلى إزهاق العديد من الأرواح بذنب أو بدون ذنب

 ووسط هذه الفوضى العارمة للسلاح المنفلت، التي لم تجد الرادع الذي يعيد الأمور إلى سكة الأمن والسلام، حتى تولد شعور عند أهل تلك المناطق بأن القانون وأدواته يقفان موقف المتفرج، وكأنهما غير معنيين بهذا الأمر الخطير، وباتا حالهما حال عامة الناس ينتظران الحلول من شيوخ القبائل والوجهاء، وهو أمر يدعو للعجب والاستغراب، إذ إن من واجب الدولة أن توفر الأمن والحماية لمواطنيها، وإن أي خلل في السلم المجتمعي هو تهديد لمقومات الدولة وقوانينها ودستورها.

إن كثرة النزاعات والخلافات التي باتت تشكل شرخا واسعا في النسيج الاجتماعي، وعجز الأجهزة الأمنية عن إخماد نار الفتن التي تشتعل هنا وهناك، بل تهاونها ولا مبالاتها الواضحة هو موضع إثارة للعديد من التساؤلات التي تحمل في طياتها الشكوك والريبة وتفتح المخيلة على مختلف الاحتمالات والتأويلات.

ولنا أن نسأل ونحن نرى هذا الانزلاق الخطير الذي تشهده محافظة ذي قار على سبيل المثال، وهذه الأرواح التي تذهب سدى، مخلفة جيشا من الأرامل الثكالى والأيتام، ما الذي تنتظره الدولة وأجهزتها الأمنية المختلفة، لكي تتحرك لكبح جماح هذا السيل الجارف من الانفلات الأمني؟

وما الذي تنتظره الدولة لتعمل على مصادرة هذه الأسلحة المختلفة الأنواع من يد هذه القبائل التي حولت تلك الأسلحة إلى لعبة تستخدمها متى شاءت دون مخافة من قانون أو مراعات لوازع ديني أو أخلاقي؟

إن الحرية وحقوق الإنسان لا يمكن أن يكونا وسيلة لهدم المجتمع وقيمه وأمنه، بل يفترض أن يكونا الوسيلة المثلى لبناء مجتمع آمن ومستقر، يلتزم فيه الجميع بواجباتهم مثلما يظفرون بكامل حقوقهم، وهذه الفرضية لا يمكن أن تتحقق من دون يكون القانون هو السيد الفاصل بين الفوضى والنظام، بين الحرية والعبث، بين الشرعي واللا شرعي من الممتلكات والتصرفات.