ابتزاز السلطة الرابعة

آراء 2023/05/08
...

 د. محمد محي الموسوي 


 الابتزاز الإعلامي يقصد به استخدام وسائل الإعلام والصحافة أو مواقع التواصل الاجتماعي لتهديد شخصية أو مؤسسة بنشر معلومات أو أخبار، من شأنها الإضرار بسمعة الشخص أو المؤسسة في سبيل الحصول على مكاسب مادية أو معنوية لصالح الصحفي أو الاعلامي المبتز أو لصالح المؤسسة الاعلامية التي يعمل

 بها. 

يعتمد الابتزاز الإعلامي على قدرة الصحفيين ووسائل الاعلام على التأثير على الجمهور وصناعة الرأي العام بشكل عام، فإن وسائل الإعلام تتدخل تقريباً في كل مجالات حياتنا اليومية وواقعنا إلى درجة أننا لا نشعر بوجودها وكما يصفها عالم الاتصال «مارشال ماكلوهان»، كالسمكة المبتلة التي تعيش وسط الماء، فالسمكة لا تدرك أنها مبللة بالماء لأن البيئة التي تعيش فيها السمكة مغلفة بالماء (بيئة مائية) إلى درجة أنها لا تشعر بالماء إلا في حالة فقدانه أو غيابه، 

هكذا الحال يشبه علاقة أفراد الجمهور بوسائل الإعلام أي أنها تتدخل تقريباً في كل مجالات حياتنا اليومية، وواقعنا إلى درجة أننا لا نشعر بوجودها, ناهيك عن تأثيرها علينا وعلى حياتنا خصوصاً بعد التطور الحاصل في الاتصال وأصبح لكل فرد شاشة يحملها في جيبه تزوده بمعلومات في كل ثانية (الهاتف المحمول)، فقد أصبحنا كالسمك وسط الماء محاطين بوسائل الإعلام من كل حدب وصوب, إن وسائل الإعلام على الرغم من أنها تزودنا بالمعلومة، وتعمل على تسليتنا إلى انها في بعض الاحيان تحاول استغفالنا.

في الآونة الاخيرة برزت بشكل ملحوظ ابتزاز بعض الصحفيين والاعلاميين من خلال التركيز على عمل شخصية أو مؤسسة ما، وتأطير جميع الاخبار أو المقالات التي تنشر بصورة سلبية، وبعد فترة نلاحظ أن نفس الاعلامي أو المؤسسة الاعلامية، تشيد بجهود الشخصية أو المؤسسة التي كان يذمها قبل فترة قصيرة، بعد أن حصل على مكسب معنوي من خلال حصوله على المستشار الاعلامي أو الناطق الرسمي باسم الوزارة أو الشخصية الرسمية أو الحصول على مكاسب مادية.

ففي تجربة ينقلها أحد الزملاء يعمل مدير اعلام لإحدى المؤسسات الحكومية أن مقدم البرامج في إحدى الفضائيات العراقية كان يركز على عمل المؤسسة بشكل سلبي، ولا يذكر اي عمل إيجابي حولها، وعند الذهاب له لمعرفة السبب ذكر بصورة مباشرة (ما مستفادين منكم)!، وهذا الحال ينطبق على البرامج الرياضية ايضاً. 

أو يكون الابتزاز بصورة أخرى من خلال كشف الصحفي للفساد في المؤسسة وحصوله على وثائق تدين الفاسدين ومن بعدها يعمل الصحفي بمساومة الدائرة أو الوزارة، التي رصد حالة فساد فيها، ومن ثم تقوم المؤسسة المعنية بالتقرب له، وتقديم مبلغ مالي كنوع من الهدية له.

إن هذا النوع من الابتزاز يشكل خطرًا على الأفراد والمؤسسات على حد سواء، إذ يمكن أن يؤثر بصورة أخلاقية وقانونية على حياتهم الشخصية وعلاقاتهم المهنية، لذا على نقابة الصحفيين والمشرّع العراقي وضع قوانين واخلاقيات تحكم العمل الاعلامي وتمنع الابتزاز الحاصل هذه الايام.