وليد خالد الزيدي
الشباب اهم عناصر تنشئة المجتمعات الراقية اذا ما رغبت الحكومات في تنمية دورها بشكل سليم لكونهم يحملون حمى العقل وعنفوان الارادة وهمم العمل لكن من الجانب الاخر المعاكس يكونوا اكثر خطورة اذا ما تم اهمالهم والقفز على اهميتهم في البناء الوطني لكل شعب وهنا لابد من التسليم بان التفريط بقوة تلك الفئة اليافعة وتجاهل قدرتها على الاسهام بتاسيس مجتمع واع ومزدهر أو استنزاف طاقات أفرادها، سوف يجعل من قادة هذا المجتمع يكتبون على انفسهم صكوكا مالية، لن يستطيعوا الوفاء بها مستقبلا، ذلك لأن الانسان في سن الشباب يكون اكثر عرضة للتغيير سلبا أو إيجابا، ولأنه الزمن الذي تنشأ فيه العادات وتتأصل خلاله صفات الشخصية في نفسه، ففي عمر الشباب يكون العقل ينبوعا للميول والاتجاهات المختلفة، وفي أثنائه يتخذ فيه الكائن البشري خاصية معنوية ثابتة، يمكن أن يرتدي فيه ثوبا يكسوه حتى نهاية حياته.
الشباب في بلدنا أكثر فئات المجتمع، التي يمكن أن يستثمرها القائمون على الدولة والمتصدون للمسؤولية فيها، ونحن نعلم أن هذه الشريحة المجتمعية تمتلك شباب الجسد وشباب القلب وشباب العقل، حيث تعد قضية احتوائها من أوليات العمل الوطني، الذي يرتكز عليه البرنامج الحكومي، وفي جميع قطاعات الحياة، وهذا ما يبدو جليا باهتمامات الدولة فيها خلال هذه الفترة المهمة من حياة شعبنا، التي نرى فيها الانفتاح الحكومي الملحوظ على فئات اجتماعية واسعة في ظل الأزمات والمشكلات، التي يعاني منها شباب البلد وصور الانحراف الذي ينزلق فيه الكثير منهم في ظروفنا الحالية، بمتاهات وعادات لا تبدو بسيطة كالتسيب في الشوارع والانخراط في عصابات الجريمة والسرقة وتعاطي المخدرات وغيرها، ما يبعد أبناءنا عن جادة الصواب وسبل الاستقامة.
وبالفعل فإنَّ الكثير من الشباب نراهم اندفعوا باتجاه بعيد عن المنظومة القيمية، لمجتمعنا والتحول من رموز وطنية فاعلة في البناء إلى عناصر متمردة على واقع المجتمع العراقي الذي يعتز بانماط حياته وعاداته السليمة المشرقة المتوارثة عبر التاريخ.
وقبل أن تبدو الحلول بعيدة المنال تيقنت الحكومة الدور الايجابي للشباب، لا سيما أولئك الذين يسلكون طرق الفضيلة والتزام الاخلاق الرفيعة، ومنهم حفظة القرآن الذين التقى رئيس الوزراء عددا منهم في بغداد، مؤخرا وتاكيده على دعم شباب العراق والوقوف ضد البرامج والتوجهات، التي قد تدفع بهم نحو حياة فارغة المحتوى بسيطة الفكر سطحية الممارسة، فأصبح من الضروري أن تتعاظم برامج الدولة الخاصةً بدعم تلك الشريحة وتعضيد برامج اهتماماتها بالممارسات العلمية والإنسانية وتقديرها لمكانة هؤلاء الشباب وامكانياتهم في تحقيق طموحات أبناء شعبنا، واعتبار تلك البرامج خطًا دفاعيًّا بالضد من الانحلال الاخلاقي ودفع مخاطر الإرهاب، الذي يمكن ان يفتك بمجتمعنا بسلاح جديد يضرب به اهم عناصر ديمومته وصلاحه وتقدمه.