الإصلاح البرلماني وتفعيل الأداء الحكومي

آراء 2023/05/10
...

  أ.د عامر حسن فياض

لعام 2005 نظام الحكم في العراق بأنه نظام حكم [نيابي (برلماني) ديمقراطي..]، والنظام البرلماني يقوم، في الأصل، على سيادة البرلمان أو على الاقل على التنسيق والتعاون والانسجام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

بيد أن هذا الاصل تراجع لصالح تنامي السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية على مستوى التجارب البرلمانية في بلدان العالم كافة، التي أخذت انظمتها السياسية تنزع نحو تركز وتركيز السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية.

وكذلك في التجربة البرلمانية العراقية المعاشة الحديثة النشأة نلاحظ بالممارسة ترجيحاً، لكفة السلطة التنفيذية (الحكومة بشكل خاص) على كفة السلطة التشريعية (مجلس النواب). وهذا الترجيح يتأتى من أسباب متعددة، الأمر الذي يدفع إلى ضرورة تضمين الثقافة السياسية الوطنية، كيما يخدم تعزيز الوحدة الوطنية العراقية، تضمينه بمادة حول تشخيص واقع أداء المجلس النيابي العراقي بغية تجاوز معوقاته وتحسين أدائه وإصلاحه وبالشكل الآتي:

- السعي إلى إعادة التنسيق والانسجام والتعاون بين عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، من خلال تجنب تنامي الدور المهيمن والتأثير السلبي للسلطة التنفيذية على عمل مجلس النواب التشريعي والرقابي من قبل اعضاء السلطة التنفيذية وزعماء وأمراء الكتل السياسية، خارج قبة البرلمان ومن خارج سياقات عمل المجلس النيابي المقررة دستورياً وقانونياً.

- ضرورة اعتماد مبدأ التمثيل بآلية الانتخابات في تشكيل المجلس النيابي، وفق نظام انتخابي مناسب ومستقر، يضمن تمثيل جميع المواطنين العراقيين، ويحسن نوعية اختيار المرشحين.

- ضرورة تحديث النظام الداخلي لمجلس النواب وبما يؤدي إلى تحسين آليات عمله الاداري والفني، ويحسن اختيار موظفيه، ويعمل على اعتماد معايير الكفاءة والخبرة والاختصاص في اختيار اعضاء رئاسة المجلس ولجانه، كما يعمل على تحديث إجراءات اعماله، وترشيق الامتيازات، وترشيد النفقات، وعدم التباطؤفي عقد جلساته، وضبط نظام الحضور والغياب بالنسبة لجميع اعضاء مجلس النواب، وضمنهم رؤساء الكتل النيابية دون الترفع عن واجب الحضور.

- ان الوظيفة الرئيسية لمجلس النواب تتوزع دستورياً بين الدور التشريعي والدور الرقابي. وبقدر تعلق الامر بالوظيفة التشريعية فان واقع عمل المجلس يؤشر ضعفاً إلى منهجية العمل التشريعي، بسبب اهمال رئاسة المجلس لبرمجة أولويات سن التشريعات المقررة دستورياً، وفق أولويات احتياجات المواطن والوطن.

اما على صعيد الوظيفة الرقابية لمجلس النواب، فإن هذه الوظيفة تمَّ اللجوء اليها مؤخراً، وفي الاوقات الضائعة. ولا غرابة في أن يوظف هذا اللجوء، إن كان متأخرا، لأغراض ومصالح تدخل في إطار التنافس السياسي المشروع لا في اطار التنابذ السياسي غير المشروع. الأمر الذي جعل هذه الوظيفة النبيلة في الاصل وظيفة شبه معطلة، إن لم نقل معطلة في التجربة البرلمانية العراقية، بسبب من أن الوزارات تشكلت على أساس المحاصصة، التي سُميت بالخطأ (التوافقية) لا على اساس وزارة الاغلبية السياسية المنتخبة.

- ولما كانت هناك ضرورة دستورية لتشكيل الجناح الثاني للسلطة التشريعية في العراق والمتمثل حسب الدستور بمؤسسة (المجلس الاتحادي)، فإن الثقافة السياسية الوطنية تحث، وضمن مبدأ برمجة أولويات سن التشريعات، إلى ضرورة سن قانون المجلس الاتحادي العراقي والتعجيل بتشكيله الأمر، الذي سيشكل خطوة مهمة في تطوير مسار وتحسين اداء العمل البرلماني في العراق، لما سيقدمه المجلس الاتحادي العراقي من إسناد وخبرة وعون لمجلس النواب.

والجدير بالذكر أن الاصلاح البرلماني لا يستقيم إلا بإصلاح وتفعيل الاداء الحكومي، لكي يُعاد الاعتبار لمبدأ التنسيق والانسجام والتعاون مابين السلطتين التشريعية والتنفيذية.