بدا الاهتمام السعودي كبيراً ومتميزاً بزيارة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والوفد الكبير والرفيع المرافق له الى الرياض ، ما يؤشر الى بداية مرحلة جديدة من مسيرة العلاقات الثنائية بين بغداد والرياض، لاسيما ان هذه الزيارة المهمة ، كانت قد سبقتها زيارة وفد سعودي هو الآخر رفيع المستوى الى بغداد قبل أسابيع قليلة ، تكللت بنتائج طيبة في إطار فعاليات مجلس التنسيق العراقي-
السعودي .
ويبدو جلياً، ان آفاقاً رحبة ستشهدها العلاقات بين العراق والسعودية، ستنعكس نتائجها الإيجابية على واقع دول المنطقة ، ولعل انعقاد مؤتمر برلمانات دول جوار العراق جاء متساوقاً مع نتائج زيارة عبدالمهدي الى
الرياض .
وعندما نتحدث عن نتائج الزيارة ، فبالتأكيد، ان الآثار الاقتصادية تأتي في مقدمة النتائج ، بل ان اغلب الملفات التي تناولها الطرفان في البحث والنقاش هي قضايا الاقتصاد وعمليات اعادة الاعمار وتحقيق التعافي والتنمية في المناطق المحررة والعراق عموماً، وفقاً للخطط والأولويات التي حددتها الحكومة
العراقية.
وما يؤكد هذا التحليل هو ، طبيعة تشكيلة الوفد العراقي المرافق لرئيس الوزراء ، ففضلاً عن الوزراء وكبار المسؤولين ورؤساء الهيئات، كان القطاع الخاص العراقي حاضراً بقوة من خلال مشاركة نحو 85 رجل أعمال عراقياً في مجالات الصناعة والزراعة والطاقة وسوى
ذلك.
كما تمخضت الزيارة عن توقيع عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي وقعها الوزراء والمسؤولون في الحكومتين ، تناولت جوانب مهمة جداً ، في مجال الإعفاءات الضريبية وقضايا النقل البري والبحري والجوي وتأهيل المنافذ الحدودية والطرق المؤدية
اليها.
اذ ثمة منفذان حدوديان بريان بين العراق والسعودية هما منفذ عرعر ومنفذ جميمة ، اللذان سيكون لهما اثر مهم في حركة الحجاج العراقيين ، خصوصاً منفذ عرعر ، يأتي ذلك متزامناً مع موافقة الجانب السعودي على زيادة عدد الحجاج العراقيين الى 50 الف حاج سنوياً ، وهي خطوة مهمة في اختصار مدة الانتظار للكثير من المواطنين العراقيين الذين يرغبون باداء مناسك
الحج .
مذكرات التفاهم المشتركة شملت جوانب اخرى مهمة منها ، الاعتراف المتبادل بالمواصفات وفحص السلع والمنتجات بين البلدين ، ومذكرات تفاهم في مجال الطاقة والزراعة وتحلية المياه وتطوير القدرات ، والمساهمة في عمليات اعادة الاعمار ، وقطعاً ان نتائج مهمة مثل هذه التي تمخضت عنها الزيارة ، تتطلب من الجانب العراقي ، ان يكون بمستوى المرحلة المقبلة من تطور العلاقات الثنائية ، والعمل على استثمار الإقبال السعودي على العمل في جميع المجالات ، بعد ان قدمت كبريات الشركات السعودية عروضاً مغرية للعمل في العراق ، وهنا ، فان الأمر يتطلب اتخاذ جملة من الإجراءات ، وفق خارطة طريق واضحة المعالم لحل المشاكل التي تكتنف المشهد الاقتصادي والاستثماري ، من شأنها ان تعطي رسالة الى الطرف الاخر ، بان العراق مستعد لتوفير البيئة الإيجابية لعمل الشركات
السعودية.ولعل من المشاكل التي ينبغي التوقف عندها ، هي قضية الشراكة بين القطاعين العام والخاص ، وتطوير القطاع المصرفي ، ومشاكل اخرى تتعلق بالبنى التحتية ، ومما لاشك فيه ان معالجة مثل هذه الإشكالات ستعطي نتائج إيجابية مهمة لجميع الشركات والمستثمرين على المستويين المحلي والأجنبي ، خصوصاً ان جعبة رئيس الوزراء مازال فيها الكثير من الزيارات والجولات الخارجية الى دول قريبة وبعيدة.
وستكون لكل زيارة نتائج لا تقل أهمية عن نتائج زيارته للرياض وقبلها للقاهرة وطهران ، ومعنى هذا اننا مقبلون على اقبال دولي واسع النطاق نحو العمل والاستثمار في العراق ، في ظل الاستقرار الكبير الذي تشهده
البلاد .