أمن غذائيّ

العراق 2023/05/11
...

أحمد عبد الحسين

تكرر الأمر مراراً. كلما أعلن العراق عن اكتفائه أو قرب اكتفائه من مادة ما وعدم اضطراره لاستيرادها، حدثتْ كارثة ما بددتْ الأمل في أن يصل العراق إلى حالٍ تجعله مستغنياً عن الآخرين في تحقيق أمنه الغذائي.

أول من أمس، حدثتْ ـ في وقت واحد تقريباً ـ عدّة حرائق في جنوب البلاد وغربها فتكتْ بمساحات واسعة من محصول الحنطة. وكالعادة جاءت هذه النار ـ مصادفة ـ بعد أقل من 24 ساعة على تصريحات وزارة الزراعة التي أعلنت اكتفاء العراق من هذا المحصول الرئيس.

أعادتْ هذه الحرائق إلى الأذهان واقعة أخرى حدثتْ قبل سنوات قليلة، حينما أُعلنَ عن اكتفائنا في الثروة السمكية وبلوغنا القدرة على تصديرها، رأينا المشهد الحزين المفزع لملايين الأسماك الميتة طافيةً على سطح الماء في واقعة غريبة كثرتْ تعليلاتها غير المقنعة آنذاك لكنها نُسيتْ كما ستُنسى حرائق الأمس.

وزارة الزراعة على لسان متحدثها قللتْ من شأن هذه الحرائق، ورجحتْ أن تكون غير مقصودة وأعادتْ تأكيدها على المضيّ في بلوغ الاكتفاء من مادة الحنطة. وذلك أمر يدعو إلى التفاؤل، لكنّ تزامن كوارث كهذه مع كل تصريح اكتفائيّ يدعو إلى الحيرة والشكّ ويحتم علينا المطالبة بالنظر إلى المسألة بعين الجدّ والمسؤولية. خاصة وأنّ شبح شحّ المياه يطوف في أرجاء البلد منذراً بعواقب وخيمة.

حفظ الأمن على الأرض مقدّمة لتأمين الحياة كلّها، وفي المقدمة تأمين قوت المواطن وإيصال البلد إلى مرحلة الاستغناء عن المنتج الأجنبيّ خصوصاً في الموادّ الرئيسة التي لا غنى عنها. والعراق قادر على ذلك.