علي حسن الفواز
ما يجري في غزة من عدوان سافر على الفلسطينيين، يكشف عن واقع دولي وعربي رثّ، وعن سياسات تتخبط في تعاطيها مع مفاهيم الأمن الدولي وحقوق الإنسان، وعلى نحوٍ يجعل من "إسرائيل" تتصرف بعدّتها العسكرية دون رادعٍ، وربما بحماية أميركية غربية، تسوّغ لها العدوان، وتحت يافطة الدفاع عن النفس.
توصيف العدوان بإنه "عنف" هو نوع من التجريد والتخفيف، ومحاولة لتغطية الطابع الإجرامي، لما يجري في الأرض المحتلة، ولطبيعة سياسة إسرائيل العنصرية، والتي تفرضها كواقعٍ جيوسياسي على أيّ حلول مقترحة، أو دعوات تطالب بوقف إطلاق النار، حيث يظلُّ الأمر مرهوناً بتوصيف "الدولة العبرية" لمفاهيم السلام و"تصليب الهدنة" وتسوية الملفات العالقة، وهو ما تحوّل إلى شمّاعة يُعلّق عليها البعض كثيراً من نشاطاته السياسية، تبريراً لمنع انفلات الأمور، وخروج الصراع عن السيطرة، والذي قد يدفع إلى تدخل دولي داعم للعدوان، مقابل ضعف عربي في مواجهة ذلك، وحتى في اتخاذ الخطوات السياسية والدبلوماسية التي تؤشر موقفاً ضدياً من ذلك العدوان.
ما يجري من اتصالات، ومن دعوات عربية أو دولية لا يكفي لوضع حدّ لسياسة الكراهية، ولا لمنع التجاوزات على الحقوق والمقدسات الإسلامية والمسيحية، لأن ذلك سيصطدم بالموقف الأميركي في مجلس الأمن، فضلاً عن " غرور إسرائيل" التي تنظر لمثل هذه الأمور وكأنها معنية بما تقوم به من اعتداءات تطال الشعب والأرض، وتقتل النساء والأطفال، وحتى عدم الالتزام بالتوافقات السياسية التي سبق وأن تم الاتفاق عليها، وبضمانات عربية ودولية. سياسة الاغتيال التي تعمل "الدولة العبرية" على اعتمادها، تكشف من جانب آخر عن الطابع العنصري والمخابراتي لإجراءاتها، فهي تمارس هذه السياسة التي ترفضها المواثيق الدولية بدم بارد، ودون أن يحاسبها أحد، وتجد في أيّ ردٍّ فلسطيني عليها بأنه "عنف" واعتداء، وتهديد للسلم الأهلي، وغير ذلك من المسميات الخادعة، وهو ما يُصرّح به المسؤولون الأميركان دائماً، بحق الدولة العبرية في الدفاع عن نفسها، مقابل منع الآخر من الدفاع عن نفسه، حتى لو تعرّض لمجازر العدوان وللأبارثيد السياسي والعنصري والأخلاقي.