مفارقة {سن التقاعد} بين بغداد وباريس

العراق 2023/05/17
...

 بغداد: رغد دحام


تعد سن التقاعد واحدة من أبرز المحطات المهمة التي يتوقف فيها العمر الوظيفي لأي موظف حكومي، لما تحتويه هذه المحطة من مطبات ومعرقلات يواجهها المتقاعد من ترويج المعاملة من جانب، وإكمال الإجراءات وتسلم أول راتب تقاعدي من جانب آخر.

وفي مفارقة واقعية، واجه تشريع تمديد السن القانونية للتقاعد (في فرنسا) إلى 64 عاماً بدلاً من 62 رفضاً واسعاً من الشعب الفرنسي ما زال صدى تظاهراته متواصلاً إلى اليوم، في حين واجه تخفيض السن القانونية للمتقاعدين إلى 60 عاماً رفضاً من قبل (العراقيين).

وقال مدير ديوان الرقابة المالية السابق، صلاح نوري، لـ"الصباح": إن "الاختلاف بين العراق وفرنسا جاء لأن البيئة العراقية تعتبر الوظيفة الحكومية هي المصدر الأساس للدخل بسبب عدم وجود ضمانات من القطاع الخاص، وإن تخفيض السن القانونية للتقاعد أمر يؤثر في حياة المواطنين".

وتابع: أن "الدول الأوروبية تمنح المتقاعد امتيازات كبيرة خصوصاً أن القطاع الخاص فيها نشط بصورة ملحوظة ولا يفرق كثيراً عن القطاع العام"، مشيراً إلى أن "تخفيض سن التقاعد أثّر في الأداء المؤسساتي في العراق بسبب نقص الخبرات وشكل مشكلة كبيرة على خلاف الدول الأوروبية التي تحتفظ بالكفاءات".

وأشار، إلى أن "حل هذه الإشكالية يكون في تطبيق قانون الضمان الاجتماعي بصورة صارمة، ومن دون هدر للحقوق، وهذا ما جرى في جميع دول العالم".

من جانبه، بيّن عضو لجنة العمل النيابية، أمير المعموري، في حديث لـ"الصباح"، أن "الامتيازات التي سيحصل عليها العامل في القطاع الخاص بعد إقرار (قانون التقاعد والضمان الاجتماعي) حال تقاعده ستكون كفيلة بحفظ كافة حقوقه".

وأوضح أن "الراتب التقاعدي سيوازي بشكل كبير الراتب الذي كان يتقاضاه العامل أثناء خدمته، وتمت مفاتحة الحكومة بدعم هذا القانون بالشكل المطلوب."

بدوره، فسّر الخبير الاقتصادي، رشيد السعدي، في حديث لـ"الصباح"، تباين المواقف حيال سن التقاعد بين العراق وأوروبا (فرنسا على وجه الخصوص)، بأن "الحقوق التقاعدية في أوروبا التي تمنح في سن الـ60 عاماً كبيرة وتعادل ما يتقاضاه العراقي المتقاعد في سن الـ 70 أو أكثر".

وأضاف، "بعد قرار تخفيض سن التقاعد في العراق؛ قلّت الحقوق جميعها، كما أصبحت هناك معاناة حقيقية بإنجاز المعاملة التقاعدية التي قد تستمر لأشهر طوال أو حتى تتجاوز العام".

جدير ذكره، أنه في عام 2019 أصدر مجلس النواب قانون تعديل قانون التقاعد لسنة 2014 الذي قضى بتخفيض السن التقاعدية من 63 إلى 60 سنة، ما تسبب بخروج عدة تظاهرات، بينما تظاهر آلاف الفرنسيين خلال الأسابيع الماضية احتجاجاً على التشريع الذي صادق عليه الرئيس إيمانويل ماكرون ويقضي برفع السن التقاعدية من 62 إلى 64 سنة.

وعزا مختصون السبب في الموقفين إلى المزايا الكبيرة التي يحصل عليها (المتقاعد الفرنسي) في مقابل الراتب الشحيح وعدم وجود أي مزايا خدمية أو صحية أو اجتماعية ينالها (المتقاعد العراقي).

تحرير: محمد الأنصاري