استثمار آمن

آراء 2023/05/18
...

  د.عبد الخالق حسن


خلال اليومين الماضيين، زارت بغداد وفود اقتصادية رفيعة المستوى، بعضها غربي، والبعض الآخر عربي. الوفود الغربية كان الأرفع فيها هو الوفد الأميركي برئاسة ستيف لوتس رئيس مجلس الأعمال العراقي الأميركي، الذي يشغل في الوقت نفسه منصب نائب رئيس غرفة التجارة الأميركية لشؤون الشرق الأوسط.وهو منصب رفيع يدل على أهمية شاغله، وأهمية الزيارة التي أجراها للعراق. وفي الوقت نفسه، تزامنت هذه الزيارة مع زيارة لوفد من رجال أعمال ومستثمرين ألمان. واللافت أنَّه دائماً ما تترافق زيارات المسؤولين الألمان والاتفاقيات الموقعة بينهم وبين العراق، مع زيارات لمسؤولين أميركيين يأتون لنفس الأهداف التي جاء من أجلها الألمان. وهذا الأمر يؤشر إلى عدة أشياء، من بينها تصاعد التنافس الأميركي الألماني للحصول على عقود استثمارية في العراق، وهو ما لاحظناه حين وقع العراق اتفاقية الطاقة مع شركة سيمنز، ليأتي بعدها بأيام وفد أميركي لتوقيع عقد طاقة مع شركة جنرال إلكتريك. كذلك، فإنَّ هذا الأمر يكشف عن حقيقة أصبحت غير قابلة للرد أو التشويش أو التكذيب، وهي أنَّ البيئة العراقية أصبحت بيئة آمنةً للاستثمار، وفيها مئات الفرص الاستثمارية الواعدة التي تجعل الشركات والدول الكبرى تتزاحم للحصول عليها. حتى أنَّ السفير الألماني قال إنَّ ماتحقَّق في العراق خلال الستة أشهر الأولى من عمر حكومة السيد محمد شياع السوداني يعادل ما تحقَّق خلال الخمس عشرة سنة الماضية. ومؤكد أنَّ تصريحاً كهذا ينطلق من سفير دولة مهمة في العالم مثل ألمانيا لايحتمل المجاملة أو الادعاء، بل هو تصريح يستند إلى حقائق ومعلومات ثابتة عند الألمان. وهذا، بلا شكٍّ، يمثل اعترافاً بنجاح مهم أحرزته الحكومة في إقناع الدول الكبرى، بأنَّ العراق يسير على الطريق الصحيح في بناء مرتكزات الدولة، والتي من بينها وأهمها، جذب رؤوس الأموال والخبرات الدولية لتستثمر في العراق.

أمَّا في ما يخص الوفود الاستثمارية والاقتصادية العربية، فتمثلت بزيارة وفدين اقتصاديين واستثماريين من الإمارات وقطر، وهما دولتان مهمتان تجيدان قراءة الأحداث، وتفهمان تقلب المعادلات الدولية، وتتقنان فنون الاستثمار.

والمكاسب من زيارة وفدي الإمارات وقطر كثيرة ومتعددة، ولا تقتصر على الجانب الاقتصادي، بل تتحرك المكاسب إلى منطقة المصالح السياسية، وتنمية العلاقات التي تعمل جميع الدول على تفعيلها مع العراق.

ولا بدَّ هنا من التذكير، بأنَّ الحكومة تعمل منذ أشهر على إنضاج واحتضان مشروع حيوي وعالمي هو (طريق التنمية) الذي يمثل مشروعاً واعداً سينقل العراق نحو آفاق عالمية غير مسبوقة. ولهذا فإنَّ الكثير من الدول تعمل اليوم على إيجاد مواطئ قدم استثمارية في العراق، لتحجز لنفسها مكاناً حين تجري المباشرة بمشروع طريق التنمية الذي سيربط العراق بأوربا من خلال شبكات طرق برية متعددة الوسائط.

يبقى الأهم في كلِّ هذا، هو الاستمرار في جذب رؤوس الأموال، وفسح المجال أمام الاستثمارات من خلال قوانين وتشريعات تحمي المستثمر، ولا تعرقل عمله. وليكنْ شعارنا القادم في كل المحافل الاقتصادية والاستثمارية هو (قانون ضامن واستثمار آمن).