العطلة الصيفيَّة

الصفحة الاخيرة 2023/05/20
...

جواد علي كسار



على بداهة الفكرة وتكرّرها كلّ عام؛ أعتقد أن العطلة الصيفية بحاجة إلى تخطيط يشترك به الجميع.

لاحظتُ عبر متابعة بعض تجارب البلدان من حولنا، أن العطلة الصيفية تتحوّل إلى فرصة لتنمية المهارات المهنية عبر ورش أهلية وغير أهلية، لتلقي دروس في التجارة والحدادة والكهرباء والخياطة وغيرها، إلى جوار التدريب على أولويات الزراعة في تجارب حقلية وغيرها.

كما هي مناسبة للدخول إلى صميم مهارات المعرفة وتنمية العقل، عبر تعلّم اللغات، وتطوير التعامل الإيجابي مع وسائل التواصل وتكنولوجيا الاتصالات عامة، والإطلاع على تجارب الأمم في التنمية والتقدّم والنهوض. 

ينبغي أن يكون للرياضة بمفهومها الجامع الاختصاصي وغير الاختصاصي، حصتها في العطلة الصيفية، من سباحة ورماية وأنواع الكرة، إلى التجوّل والمشي وركوب الدراجات، لما فيها من قوّة على الإشباع الإيجابي وملء الفراغ، وامتصاص الطاقة المضافة لا سيّما عند صغار السنّ، فضلاً عن دورها في تحصين الشباب بالحدّ من المخدّرات وبقية التوجّهات السفلية، وتوفير قدر معقول من الحصانة ضدّها.

هكذا الحال بشأن الرحلات وإقامة المعسكرات داخل البلد، وأحياناً خارجه لو أُتيحت الفرصة لذلك؛ فهذه تعزّز التكوين النفسي للوطنية العراقية، وتنمّي المهارات القيادية، وترفع من منسوب الصحة النفسية، وتزيد من قوّة الشخصية، ومن ثمّ تتحوّل إلى حصن لمواجهة ثقافة اليأس والإحباط وأحياناً الانتحار، بتقوية البُنية النفسية وتصليب الداخل. 

من أشدّ ما نحتاج التركيز عليه في العطلة الصيفية، دورات الإسعافات الأولية وتنمية ثقافة الطوارئ الصحية، ومساعدة الكبار، بالإضافة إلى العناية بتجارب المشاريع الصغيرة زراعية وصناعية، وتحفيز أصحاب المواهب ودعمهم، والمبادرة إلى أعمال البرّ والخير والعطاء والأخلاق الفاضلة.

غايات مثل هذه وما يماثلها، تحتاج إلى بذل مالي ورعاية وربما إلى قوانين ومقرّرات وأحياناً تشريعات وبُنية مادّية تحتية، وهذا ما يقع على عاتق الدولة ومسؤوليتها. لكن العمدة في إشاعة هذه الثقافة وازدهارها، هو دعم رجال الأعمال، ومِنح المصارف والشركات، وعطاء أصحاب البر وأهل التمكن، وتوظيف واسع للأموال الخيرية وحتى الشرعية أيضاً. 

أعتقد أن العطلة الصيفية هي مضمار مفتوح أمام الجميع، ومن كلّ طيوف المجتمع وتياراته الناشطة، ومن الفواعل كافة، اجتماعية ودينية وثقافية وسياسية، أهلية ورسمية، وهي باب من الخير ما أحوجنا إليه، ولو انفتح لعمّت عطاياه الجميع.