السوداني يدعو القادة العرب لعقد قمتهم ببغداد 2025

العراق 2023/05/20
...

 جدة: إسراء خليفة  

دعا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، جامعة الدول العربية إلى تطوير مناهجها نحو بناء تكتل اقتصادي، لتعزيز اقتصاديات البلدان العربية واستثمار مواردها المختلفة بأفضل وجه، مشدداً على أهمية العمل العربي المشترك من أجل احتواء الخلافات، جاء ذلك في كلمته أمام القمة العربية التي عقدت في جدة بالمملكة العربية السعودية أمس الجمعة، والتي صدر في ختامها بيان ختامي من 12 بنداً بمختلف القضايا العربية.

كلمة رئيس الوزراء

ورحّب السوداني، في بداية كلمته، بعودة سوريا الشقيقة إلى مكانها الطبيعي، مبيناً أنها "خطوة أكدنا عليها ودعمناها منذُ البدايةِ لاعتقادنا بأهميتها على طريق إعادة الاستقرار في المنطقة"، مشدداً على "أهمية العمل العربي المشترك من أجل احتواء الخلافات".

وأضاف، أنَّ "من واجبنا ألّا ندع السودان الشقيق ينزلق إلى أتون الانشقاق والتناحر الداخلي، ونرحب بالمبادرات الداعية إلى إنهاء الاقتتال هناك، كما نأملُ أن تنجح الجهود لتحقيق الاستقرار في ليبيا الشقيقة"، وتابع: "نستبشر خيراً باستمرار محاولات تحقيق السلام في اليمن الشقيق، ونجدد وقوفَنا مع أشقائنا في لبنان؛ من أجل تجاوز ظروفهم السياسية والاقتصادية".

وبشأن القضية الفلسطينية، قال السوداني: "نشددُ على موقف العراق الثابت والمبدئي إزاءَ الحقِّ الفلسطيني في الأرض والسيادة وبإقامة دولة عاصمتُها القدسُ الشريف"، كما رحّب "بالاتفاق بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي خطوةٌ عمليةٌ دعمها العراق وعمل على تحقيقها باستثمارِ النوايا الطيبة من البلدين الجارين، خدمةً لاستقرار المنطقة وازدهارها".

وأكد أنَّ "التفاف العرب حول بعضهم ليس انعزالاً، بل يزيدنا انفتاحاً على جيراننا كعرب مجتمعين وكدول عربية منفردة"، داعياً "الجامعة العربية إلى تطوير مناهجها نحو بناء تكتل اقتصادي، لتعزيز اقتصادياتنا واستثمار مواردنا المختلفة بأفضل وجه"، مبيناً أنَّ "دولاً عديدة استطاعت بناء تكتلات اقتصادية ناجحة، وهي لا تملكُ عناصر مشتركة بين أعضائها، لذا يجب أن نتحرّى كلَّ زوايا الترابط والتكامل الاقتصادي بين بلدانِنا".

وبيّن أنَّ "العراق سيستضيف مؤتمرات عدةً لوضع الحجر الأساسِ لمثل هذا التعاون، منها مؤتمر (بغداد 2023)، للتكامل الاقتصادي والاستقرار الإقليمي، كما تتهيأ العاصمة بغداد هذه الأيام لاحتضان مؤتمر (طريق التنمية)، ذلك المشروعُ الواعدُ الذي سيعززُ الروابطَ والمصالح الجامعة لشعوبنا".

وأشار إلى أنَّ "ملف التغيّرات المناخية، وشُحِّ المياه، يتطلب منّا عملاً مشتركاً في ضوءِ القوانين والأعراف الدولية لإيجاد حلول جذرية تخففُ من آثارها السلبية، كما أنَّ آفة المخدّرات، وما يوازيها من محاولاتٍ للتأثير الثقافي والقيمي، تتطلب منا موقفاً حاسماً ينطلق من التكاتف والتعاون

لمكافحتها". 

ونبّه إلى أنَّ "العراقيين تصدوا للهجمة الإرهابية التي لم تكن تستهدف العراق فحسب، بل المنطقة والعالم، وقدّموا التضحيات، والانتصار الذي حققناه يدفعنا للمضي قُدماً لبناء بلدنا". 

وفي ختام كلمته، تقدم السوداني للقادة العرب جميعاً، "بالدعوة لعقد القمة العربية لعام 2025 في بغداد، التي تتطلع إلى احتضان الأشقّاء العرب في بلاد الرافدين".


مشاركة العراق

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وصل صباح أمس الجمعة، إلى جدة بالمملكة العربية السعودية لحضور القمة العربية 32، وكان في استقباله في مقر انعقاد القمة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

واستقبل السوداني على هامش المشاركة في القمة العربية، رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون بين العراق ولبنان وتطوير الشراكة بين البلدين في مختلف المجالات، لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين.

وعبر ميقاتي، خلال اللقاء، عن تقدير لبنان حكومةً وشعباً لمواقف العراق المساندة واستمرار الدعم بالوقود للشعب اللبناني، وبين أنّ العراق اليوم في طليعة الدول العربية الساندة للبنان في تجاوز ظروفه وتدعيم استقراره.

وبيّن رئيس الوزراء أنّ "الموقف الداعم للشقيق لبنان في تجاوز الظروف الاقتصادية؛ إنما ينبع من واجب الإخوّة الراسخة بين البلدين"، وأكد "دعم العراق لاستقرار لبنان في تجاوز الصعوبات والتحديات".


أبرز بنود البيان الختامي

إلى ذلك، ألقى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان يرافقه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط البيان الختامي للقمة العربية "إعلان جدة"، وتضمن عدة بنود لعل من أبرزها:

- تأكيد الجامعة العربية، مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية جمعاء، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وحق دولة فلسطين في السيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة، بما فيها القدس الشرقية، وأهمية تفعيل "مبادرة السلام العربية".

- وفي الملف اللبناني، حث البيان السلطات اللبنانية على مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة.

- أما في الشأن السوري، فقد شدد البيان على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري.

- وفيما يرتبط بالسودان، تم تأكيد التضامن الكامل في الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد ووحدة أراضيها، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية باعتبار الأزمة شأناً داخلياً، والحفاظ على المؤسسات.

- وفي ما يخص الملف الإيراني، رحب البيان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.

- وضمن تطورات الوضع في ليبيا، أكد البيان الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، ورفض أنواع التدخل الخارجي كافة، والامتناع عن التصعيد.

- وعن اليمن، تحدث البيان عن الالتزام بوحدة وسيادة البلاد، وتأكيد استمرار دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد محمد العليمي، وتعزيز دوره ودعمه.

- ودعماً للصومال، دعا البيان إلى دعم جهود الحكومة الصومالية في حربها الشاملة ضد الإرهاب، لا سيما حركة "الشباب" الإرهابية؛ بهدف القضاء عليها، والإشادة بالجيش الوطني الصومالي.

- وفي ما يخص مكافحة الإرهاب، دان البيان كل أشكال العمليات الإجرامية التي شنتها المنظمات الإرهابية في الدول العربية والعالم، ودعت الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، إلى التصديق عليها.

كلمات القادة

وكان من اللافت في قمة جدة، مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد لأول مرة في قمة عربية منذ 12 عاماً، كما شهدت القمة حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كضيف شرف حيث ألقى كلمة أمام القادة العرب، وكذلك قراءة رسالة خاصة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الشراكة الروسية العربية.

وقد بدأت أعمال القمة بكلمة لرئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، شدد فيها على الحرص على توحيد الصف العربي، مرحباً بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وبعد تسلمه رئاسة القمة العربية الـ32، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان افتتاح القمة، ورحب بالقادة العرب الحاضرين وبالرئيس الأوكراني زيلينسكي.

وبيّن بن سلمان، "نؤكد للدول الصديقة في الشرق والغرب أننا ماضون في السلام"، مشدداً بالقول: "لن نسمح بأن تتحول منطقتنا إلى منطقة صراعات"، وأضاف، "نأمل أن تشكل عودة سوريا إلى الجامعة العربية نهاية لأزمتها".

وأكد ولي العهد السعودي: "يكفينا مع طي صفحة الماضي تذكر سنوات مؤلمة من الصراعات عاشتها المنطقة.. تكفينا الصراعات التي عانت منها شعوب المنطقة وتعثرت بسببها التنمية".

من جهته، ثمن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، عدم تفويت فرص حل الأزمة السورية سياسياً، ورحب بالرئيس الأسد في القمة وبعودة سوريا إلى الجامعة العربية، معتبراً أنَّ "ثمة فرصة لا يجب تفويتها لمعالجة الأزمة سياسياً"، كما رحّب أيضاً بـ"الاتفاق بين السعودية وإيران"، معتبراً أنَّ "المشهد الدولي يمر بأشد الفترات خطورة في العالم المعاصر ولا بد من التمسك بالمصالح العربية لمواجهة ضغوط الاستقطاب الدولي". 

وفي كلمته أمام القمة، بيّن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، أنَّ بلاده تعاني من أزمات متعددة وتعيش سنوات عجاف، مؤكداً أنَّ "أزمة لبنان زادت مع شغور منصب رئيس الجمهورية"، داعياً "لوضع خارطة طريق لعودة النازحين السوريين إلى أراضيهم".

أما ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، فأوضح في كلمته أنَّ "الاضطرابات العالمية لها تبعات خطيرة وتحتم علينا وضع آليات مناسبة لمواجهتها"، مبيناً أنَّ "التفاهمات بين السعودية وإيران ستنعكس إيجاباً على المنطقة"، وأكد "دعم عودة سوريا لدورها المؤثر عربياً وإقليمياً، ورفض أي تدخل خارجي في الشأن السوري".

بدوره، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالته للقمة العربية: "نعتزم توسيع التعاون متعدد الأوجه مع الدول العربية، ونحرص على دعم جهود حل الأزمات في السودان وليبيا واليمن"، مؤكداً مواصلة "تقديم كل مساعدة ممكنة لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يشارك في القمة للمرة الأولى منذ 12 عاماً، نبّه في كلمته على "أننا أمام فرصة تاريخية لإعادة ترتيب أعمالنا بأقل قدر من التدخل الأجنبي"، وأضاف، "علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب"، موضحاً أنَّ "الأزمة في المنطقة سببها تصدعات نشأت في الساحة العربية، وأن الأمل يتزايد مع التقارب العربي العربي والانطلاق لمرحلة جديدة من العمل المشترك".

من جانبه، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: "نرحب بالرئيس السوري بشار الأسد أخاً عزيزاً بين أهله وإخوانه، ونشيد بمواقف القادة العرب الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ونطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني"، وأكد "سنلجأ لكل المحاكم الدولية لاستعادة الحقوق الفلسطينية"، مشدداً على رفض "استمرار استباحة سلطات الاحتلال الإسرائيلي أرضنا ومقدساتنا ونطالب المجتمع الدولي بمحاسبة إسرائيل على جرائمها".

بدوره، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: إنَّ "المنطقة تمر بظروف قاسية تهدد الحاضر والمستقبل"، مؤكداً "ضرورة إقامة دولة فلسطينية لتحقيق السلام في المنطقة"، محذراً في الوقت نفسه من أنَّ "أزمة السودان تنذر بصراع طويل إذا لم يتم احتواؤها"، وبيّن أنَّ "عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية تعد بمثابة تفعيل العمل للدور العربي وبدء مسيرة عربية لحل الأزمة فيها".

إلى ذلك، بيّن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في كلمته خلال القمة، أنَّ "منظومة العمل العربي المشترك بحاجة دوماً إلى تطوير وتجديد، وهذا دور الجامعة العربية، كما أشار إلى أنَّ "السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة"، ونبّه على أنَّ "الأزمة في سوريا كان ثمنها غالياً ونرحب بعودة سوريا للجامعة العربية، وحذرنا مراراً من استمرار أزمة سوريا دون حل"، مؤكداً "دعم إجراءات الحكومة العراقية لتعزيز استقرار البلاد".

الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، الذي حضر القمة، قال في خطابه أمام القادة العرب: "لن نخضع أبداً للمطامع الروسية"، مثمناً "الوساطة السعودية للإفراج عن الأسرى"، لكنه أكد في الوقت نفسه أنَّ "الأوكرانيين مجبرون على مواصلة القتال وأن لا أحد يوافق على تسليم أرضه، وهم لم يختاروا الحرب، وقواتنا لم تدخل إلى أراضي دول أخرى".