وعود قمة جدّة

العراق 2023/05/20
...

أحمد عبد الحسين



التأم أمس شمل قادة العرب في جدّة. 

القمّة استثنائية إذا ما قيست بالقمم الثلاث التي احتضنتها السعودية على فترات متقاربة من قبلُ. كانت الأولى ذات طابع اقتصاديّ محض برعاية أميركية وحضرها الرئيس بايدن، بينما شرّقتْ القمتان الأخريان صوب الصين التي حضرت لتلتقي مع الخليجيين في الأولى ومع العرب كلّهم في الأخرى. ولكلّ من هذه القمم ملمح اقتصاديّ بيّن المعالم.

تحمل قمة أمس نوعاً من كسر النمط، فهي مشغولة بأجندة سياسية هذه المرة، ينسحب فيها الاقتصاديّ إلى هامش قصيّ من دون أن يغيب تماماً. برنامج قمة جدة قوامه التصالح وتنقية الأجواء، وهو برنامج ذو ثلاث شُعَب: 

فأولاً: تنقية الأجواء بين البلدان العربية ومحيطها كإيران وتركيا خاصة بعد أن قطعت السعودية شوطاً جريئاً بمعونة العراق للوصول مع إيران إلى أمر سواء.

وثانياً: تصالح الدول العربية مع بعضها البعض. والأيقونة في هذه القمة عودة سوريا إلى العرب بعد 12 عاماً من القطيعة، ثم الرغبة السعودية في إنهاء حرب اليمن العابثة.

وأخيراً: تنقية الأجواء الداخلية في بلدان عربية تشهد اضطراباً، كسوريا الخارجة من حرب أهلية مؤلمة والسودان الداخلة تواً في صراع يمكن أن يتفاقم.

القمّة سياسية إذن. ومن يتابع نشاط السعودية يعرف أنّ أية خطوة تقوم بها فإن الاقتصاد وحديث المال ينتظرانِ في نهاية الطريق. ولذا فإنّ هذا النشاط أشبه ما يكون بتعبيد الطريق لمشهد مقبلٍ يشتغل فيه المستثمرون دون عوائق.

بالنسبة لعراقيّ يراقب المشهد فإن أمرين اثنين يدعوان للتفاؤل، أولهما أنّ هذه من القمم النادرة التي يكون موضوعها ذا طائل إلى الحد الذي تطول فيه البرامج وتقصر الخطب. والثاني إنها المرة الأولى التي لا يحضر فيها العراق باعتباره مشكلة موضوعة على جدول الأعمال، بل بوصفه لاعباً فاعلاً في رسم مستقبل المنطقة.