عبد الهادي مهودر
شهد العالم يوم الجمعة الماضي انعقاد قمتين لدول شرق الأرض وغربها، فقد عقد القادة العرب في مدينة جدة السعودية القمة العربية الثانية والثلاثين، وعقد قادة دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى اجتماعهم السنوي في (الجمعة المباركة) نفسها، لكن الفوارق كبيرة جداً بين قمة سلام ووئام ومزاج برتقالي وقمة حرب وتصعيد ومزاج حاد، فمزاج قمتنا العربية هذه المرة ودّي وتصالحي وهي قمة العودات، عودة سوريا بعد غياب 12 عاماً وعودة الهدوء في اليمن وعودة العلاقات العربية الإيرانية، ولولا أحداث السودان لكانت قمة (الدنيا ربيع والجو بديع) لكن قوات الأخوين (البرهان وحميدتي) أبت إلا مواصلة القتال بكل ما أوتيت من قوة ورباط الخيل حتى آخر مواطن سوداني، وللمرة الأولى في تاريخ القمم العربية جرت الاجتماعات في أجواء هادئة وإيجابية، وكان التوافق هو السمة الرئيسة لجميع القرارات، كما قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية عن اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي سبق القمة، بينما يشحذ رؤساء الدول السبع الكبار الهمم ويصعدون لغة الخطاب نحو الخصمين اللدودين الروسي والصيني، وفي قمة العرب يعود ذكر الزعيم الليبي معمر القذافي الذي كان يرأس قمة مدينة سرت الليبية عام 2010 وهي آخر قمة عربية حضرها الرئيس السوري العائد إلى الحضن العربي بشار الأسد، وقمة سرت هي قمة الزعماء الراحلين والمطاح بهم في ثورات الربيع العربي الذين لم يبق منهم واحد في قمة جدة، القذافي ومبارك وزين العابدين وبوتفليقة وعلي عبد الله صالح والسجين الهارب الركن عمر البشير، جميعهم بالأمس كانوا هنا واليوم قد رحلوا، وهذا حول حال الدنيا وأمر الله الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويذلّ من يشاء.
وقمة العرب اختارت عروس البحر الأحمر مدينة جدة الساحلية الجميلة مقراً لانعقادها بينما اختارت قمة السبع الكبار مدينة هيروشيما اليابانية وما أدراك ما هيروشيما، فهي المدينة التي تعرضت لهجوم نووي أميركي عام 1945مع شقيقتها مدينة ناكازاكي اليابانية، ودارت الأيام وإذا بالرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث في اليابان عن القيم المشتركة التي تربط دول السبع الكبار في مواجهة الغزو الوحشي الروسي لأوكرانيا في المدينة التي تعرضت لهجوم وحشي أميركي، مع العلم أن الوحش الروسي كان عضواً في مجموعة السبع الكبار، وكان الوحشان يلتقيان على مائدة واحدة، وقمة العرب يدخلها العراق مستريحاً حيث لا يتصدر اسم العراق جدول الأعمال والحمد لله، كما يخدم التقارب العربي الإقليمي أمن العراق الذي طالما دفع ثمن الصراعات وكانت ساحته ميداناً للتصفيات السياسية، أما القضية الفلسطينية فمازالت تتصدر جدول الأعمال منذ أول مؤتمر قمة عربي عام 1946 ومنذ أن غنت لها فيروز الغضب الساطع آتٍ.