العشيرة وحرب المغانم

آراء 2023/05/22
...

 حسن عودة الماجدي


قبل بدء الرّحلة في الأجواء السّاخنة والمحتدمة في عراق ما بعد التّغيير، وحصراً في زحمة الاستغراق والأجواء العاصفة بالمتناقضات الهجينة بين الدّين والسّياسة، وأخرى ألقت بظلالها على المشهدين العشائري والدّيني على السّاحة العراقية برمتها، نتيجة التّباين الخطابي والوعظ، الذي يترجم عكس الحقيقة في ظل الأحزاب والكتل المتنفّذة، لذلك تأتي التّخريجات والأدلجة، وفقاً للسعي الذي يشرّع تقاسم المغانم والتّحاصص على حساب الأكثرية، ممّا ينافي قول الإمام جعفر الصّادق (ع)، عندما قيل يا بن رسول الله (أيكون من العصبية حب الرّجل لأهله وعشيرته وقومه، قال، لا، العصبية أنّ تجعل من شرار قومك خير من خيار غيرهم)، لذلك يبدو للوعظ المتباين حضوراً سلبياً في سفر المذهب الواحد، ممّا أحدث شرخاً خطيراً يتجه نحو السيطرة على بعض المغفلين من رؤساء العشائر وإغرائهم بالمكارم والهدايا القديمة الجّديدة وتسليح البعض منهم وإعطائهم الصّفة الرّسمية، من خلال تأسيس مجالس الاسناد الطّارئة في تاريخ الدولة العراقية، الغاية من تلك يعرفها الدّاني والقاصي من اجل السّيطرة على مفاصل المؤسسة الرّسمية للبلاد، ومع ما تحمله من عادات التّفاخر بين عشيرة واخرى وعقد الأنا في عصر السّرعة والغزو المعلوماتي، الذي احدث الطّفرة المحيّرة للعقول من أجل خدمة الحرث والنّسل، لكن المؤسف في عشائر العصر لم، ولن تدرك ما يجري بل تخدع بالسّراب الكاذب، الذي يخدع بعض المغفلين منهم، كالّذي جرى بعد انقلاب 1968 بعودة النّظم الاقطاعية، مرّةً اخرى ممّا حدا بهم التزاحم المحموم إلى قائد الضرورة كما يسمّون معلنيين الولاء المطلق وبالأهزوجة المشهورة ( بالروح بالدم نفديك ياصدام)، وكذلك اصبحوا بعد حين رديفاً لأجهزة النّظام القمعية مقابل الألقاب الحزبية والدّرجات الوهميّة، بل اخطر من ذلك تناسوا عمّا كان يحسب لهم كأرقام صعبة في المعادلات الاجتماعية، اما بعد 9/4/2003 انكروا الهوسات والرّدحات لصدام الهالك بالشّكل المغاير، اذ تبدل الردح والمدح بالبكاء والنّحيب والرّدات الحزينة بالصّوت والصّورة من اجل اسماع حضرة المراجع وسماحة الآيات، لكن الحقيقة تنفي ماجرى لهذا ولذاك كالعبادة والتفقه والايمان النّاصع، بل تحول الحزن في الرّدات إلى سيطرة مجاميع الكتل على الاراضي الخاصة والعامة، وبناء المولات الفخمة والسيارات الفارهة ومنابع النفط المتاخمة للعشائر والأحزاب المتنفّذة، لا لدولة المؤسّسات العراقية، وبهذه النتيجة المؤلمة كان الاقتتال المستمر والمستعر بين العشائر القريبة للحقول النّفطية، أخيرا أنّ العتب أولاً وآخر تتحمله بعض الأحزاب والكتل المتنفّذة، وكذلك الخطب الدّينية المتباينة في أحقية من يحصل على كل الغنيمة، انّما يجري الآن بين النّاس والعشائر على وجه الخصوص قد اربكته الخطب الرّنّانة والتّخريجات المتباينة، حتى جعلوا من العامة في دوامة الطّرق المّتشعبة التي لا يهتدي فيها الضّال ولايستيقن المهتدي.