الستراتيجيَّة الوطنيَّة للتربية والتعليم

آراء 2023/05/23
...

  نبيل إبراهيم الزركوشي

اطلقت الحكومة العراقية الستراتيجية الوطنية لتطوير قطاع التربية والتعليم، وقد أوجزت سبب الاطلاق إلى الضرر الذي لحق بالمنظومة التربوية والتعليمية، وتفاقم مشكلات الأمية، والتسرب من المدارس، ورداءة التعليم، وكنه اعتراف بفشل تجارب التعليم، التي طبقتها الحكومات السابقة

 من خلال اخضاع المنظومة التربوية في العراق طيلة السنوات السابقة إلى تجارب اثبتت فشلها لدينا، وهي تجارب قد تكون ناجحة في دول أخرى، ظروفها غير ظروفنا، ناهيك عن عدم اخضاع تلك التجارب إلى التقييم اثناء مراحل التنفيذ، لمعرفة مدى كفاءتها وعدم اشراك الكوادر الوسطية في تصميم تلك التجارب، ولا حتى أذ رايهم بذلك، وهم الأدوات التنفيذية لأية تجربة تعليمية لا بل كان الإصرار على تنفيذها رغم فشلها، وكأن الامر هو إخضاع المنظومة التربوية إلى الهواء الشخصية، وقد سبب ذلك عواقب وخيمة، منها عدم تكافؤ الفرص في الحصول على الكليات، وتهجير العديد من الطلبة إلى دول الخارج، بحثاً عن حلمهم الحصول على كلية تليق بهم، بالإضافة إلى إراق سوق العمل باختصاصات ارهقت الدولة، كونها حصلت على التوظيف الحكومي.

إن التعليم قضية مجتمعية مهمة جداً، ولها سياقات ثابتة تقوم الدولة بتحديدها، وفقاً لرؤيتها في بناء الانسان فكرياً وثقافياً، والى حد بعيد اجتماعياً، وتكون المؤسسة التربوية المحل، الذي يتم فيه تطبيق تلك السياقات، ولا بد من توفير أدوات وسبل لنجاح تطبيق تلك 

السياقات. 

من هنا يمكن القول إن أهم أداة من هذه الأدوات هو المعلم، فهو يعمل على تجسيد الصورة المكتوبة إلى أفعال لتحقيق الأهداف، التي تضعها الدولة للنظام التعليمي، دون أن ننسى المنهج التعليمي والبيئة التعليمية، وبفقدان إحدى هذه الركائز الثلاث، ينحرف مسار العملية التربوية عن طريقه الصحيح، ما يشكل عثرة مستدامة توقف عجلة التقدم وتهدر الفرص والوقت، معرقلة بذلك جميع جوانب الحياة، وهذا ما نلتمسه من المؤسسة التربوية العراقية، لذا كان على الحكومة الحالية إيجاد ستراتيجية تربوية تعليمية، تعمل على اهداف محددة ومجالات ثابتة، كما هو معمول به في جميع الدول، ناهيك عن تضمينها بنودا لإعادة النظر فيها خلال فترات زمنية محددة، ويجب أن تأخذ هذه الستراتيجية بعين الاعتبار البنية التحتية للمنظومة التربوية التعليمية من جانبها الإداري، بكل العناوين وجانبها التشريعي لسن قوانين تلائم المرحلة الحالية ايضاً، ناهيك عن بناء المناهج التربوية التي تلبي الحاجة الفكرية والعقلية للطلبة ودمج كل ذلك بالتقنيات الحديثة، ولا ضير الاستفادة من تجارب الدول، التي احدثت نهضة كبيرة في مجال التعليم، وعلى سبيل المثال لا الحصر التقرير الأمريكي الشهير (امة في خطر) ففي عام 1983 أصدرت لجنة من ثمانية عشر عضواً، تم تشكيلها من قبل الرئيس الامريكي يعملون في التعليم عُرفت «بالفريق الوطني للتميز»، وقد جاء في هذا التقرير العديد من الامور، التي جعلته ذا تأثير عال في عملية إصلاح التعليم في أميركا؛ أكد أهمية الفكر والمعرفة كقوة وسلاح للتفوق والتقدم؛ وكل ذلك جاء من منطلق فهم قادة التغيير في أمريكا لأهمية الوعي الاجتماعي ودور الرأي العام في إنجاح عمليات الإصلاح. 

لذا أحد أهم الأمور، التي يجب التركيز عليها في بناء هذه الستراتيجية الوطنية، هو انها يجب ان تخاطب المواطن العراقي.