المرأة حاضرة غائبة في العملية السياسية

العراق 2023/05/23
...

 بغداد: هدى العزاوي


بالرغم من أن دخول المرأة في العملية السياسية في العراق بعد 2003 جاء بشكل مباشر، وبرغم أن القوانين والدستور كفلا لها حقوقاً واضحة، إلا أن الواقع يكشف عن أن مشاركة المرأة في محطات صنع القرار السياسي بتفرعاته التشريعية والتنفيذية والقضائية كانت مجرد واجهة مقدمة بشكل "صوري" وتفتقر إلى المساواة الجادة في تمكينها أسوة بالرجل في تولي المناصب القيادية. 

وقالت الباحثة في الشأن السياسي، آيات مظفر نوري، في حديث لـ"الصباح": إن "مشاركة المرأة ضرورة ملحة في العملية السياسية، على الرغم من التحديات التي تواجهها لتحقيق هدف الوصول للسلطة وترسيخ ثقافة (قادرة) على إدارة الملفات السياسية والاقتصادية والإدارية وغيرها"، وبينت أنه "أمام سلسلة التغييرات الحكومية للمواقع الإدارية عقبة إيجاد البديل المناسب، ونأمل أن تضع الحكومة المرأة من ضمن هذهِ الخيارات وإشراكها بشكل جدي (لا صوري) مثلما يحدث في المؤتمرات والندوات والشعارات".

وأكدت أنه "متى ما وجدنا نائباً لرؤساء السلطات الثلاث من العنصر النسوي، حينها سنقول إن الأبواب مشرعة أمام المرأة للوصول إلى أعلى هرم السلطة من دون عقبات"، موضحة أن "هذا الوصول هو وسيلة وليس غاية، فالهدف الحقيقي هو تمكين المرأة بواسطة المرأة «الممكنة» وإعادة ثقة المرأة بنفسها أولاً وبالعملية السياسية برمتها (التصويت، المشاركة الحزبية، الترشيح)، خصوصاً أننا مقبلون على انتخابات محلية تتطلب توفر شروط محددة بالمرشح كالجانب المهني والخدمي". 

وأشارت إلى أن "أمام المرأة طريقا طويلا ولكنه ليس مغلقاً، فالدستور وبعض الفواعل المجتمعية محلياً أو دولياً تدعم مشاركة المرأة مما يعطي الأمل والفرصة للولوج في عالم السياسة بشكل جدي، وخيارنا المقبل هو تأسيس (حزب نسوي) قادر على تحقيق هذا الهدف".  من جهته، قال مدير مركز "العراق للدراسات الستراتيجية" الدكتور غازي فيصل، لـ"الصباح": إن "المشاركة السياسية للمرأة في المجتمعات تعد عاملاً من عوامل التقدم والتحديث وتطور البناء الديمقراطي وتحقيق التوازن في المجتمع على صعيد الحياة السياسية بين المرأة والرجل ضمن إطار الحقوق الدستورية للمرأة، وكذلك ضمن إطار تحقيق العدالة والمساواة أمام القانون وفي مؤسسات الدولة المختلفة".

وأكد أنه يجب أن تكون هناك " مشاركة جدية حقيقية للمرأة على صعيد السلطة التشريعية، وكذلك على صعيد السلطة التنفيذية والقضائية والمؤسسات المختلفة"، ونوهّ بأن "مشاركة المرأة السياسية في العراق من العناصر الأساسية والمهمة التي يرعاها الدستور، وطبقاً لذلك يجب خلق فرص حقيقية لمشاركة المرأة في العملية السياسية، والاهتمام بالجانب النوعي للمرأة، وأن تكون ذات قدرات ثقافية وعلمية بمختلف التخصصات سواء على مستوى القانون أو العلاقات الدولية والعلوم السياسية والعلوم الصرفة، لكي تسهم في المشاركة الفعالة على صعيد العملية السياسية للدولة". من جانبه، بيّن رئيس مركز "الشرق للدراسات الستراتيجية والمعلومات"، علي مهدي الأعرجي، في حديث لـ"الصباح": أنه  "لا يمكن أن نتحدث عن مظلومية المرأة في الجانب السياسي من دون أن نتطرق إلى البعد الاجتماعي".

وأوضح أنه "إلى اليوم نحن نقدم المجتمع العراقي على أنه (ذكوري بحت) لا ينصف المرأة برغم محاولاتها الكبيرة في النفاذ إلى معترك الواقع من خلال مرافق الحياة المتعددة، إلا أنها ما زالت تعاني من مشكلة التجهيل".

وأشار إلى أن "العراق يعد من الدول المتقدمة في المنطقة بالمساهمة والمشاركة السياسية للمرأة في البرلمان العراقي، إلا أن مشاركتها ما زالت ناقصة ويجب أن تنتهي آلية العمل في (الكوتا) التي أجدها تنتقص من حق التمثيل النسوي الحقيقي في الحياة".

وأكد الأعرجي، أنه "لا يخفى على الجميع أن هناك الكثير من القوانين في العالم شرعتها نساء وجاءت بالنفع على الجانب البشري، لاسيما في قدرتها الكبيرة على أن تلعب دور العاطفة والصلابة في الوقت ذاته"، وأضاف، "لذا لا يجب أن يُخشى من فكرة التمثيل أو المشاركة النسائية في العملية السياسية بل يجب أن نضعها ونقدمها أنموذجاً في المنطقة والعالم، وأن نتيح المجال للمرأة في الدخول إلى البرلمان بشكل عام، على أن تخضع إلى الشروط والقوانين العامة لا إلى (الكوتا)".