قمّة جدّة ومسؤوليات التغيير

قضايا عربية ودولية 2023/05/25
...

علي حسن الفواز

هل جمعت قمّة جدَّة "المختلف عليه" في الإرادات العربيَّة؟، وهل وضعت تصورات واقعية عن المشكلات التي نعيش تداعياتها؟، وهل اقتنع "رؤساء القوم" بأهمية جمع الكلمة، وبضرورة صياغة مواقف تخصّ أزمات الاقتصاد والسياسة والأمن؟.

هذه الأسئلة فتحت أفقاً للتعاطي مع تعقيدات الواقع العربي والإقليمي والدولي، وكشفت عن الحاجة إلى وعيٍ جمعي يؤمن بمسؤولية النظر المشترك إلى المصالح العربية، وعدم ترك مصالحنا لحسابات الآخرين، لاسيما في ظل ظروف دولية باتت تفرض ضواغطها على الجميع، وتتطلب معالجة "عربية- عربية"، أكثر من المعالجات التي كانت تأتي جاهزة، أو مُغلّفة بـ"سولفان" الغرب ومصالحه.

اتخاذ الإجراءات الفاعلة، وتبني المواقف العملية، والنظر إلى أزمات العالم وخنادقه بعيون نقدية، هي الخيارات الواقعية، في الرهان على الخطاب العربي، وعلى إعادة النظر بكثير من "الهموم المؤجلة"، والتي تحتاج بالضرورة إلى رسم عملياتي لسياساتها وتسوياتها، لاسيما ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية، ومنح المواطن العربي ثقةً بقممه العربية، بعيداً عن ذاكرتها التي احتفظت بنمطية بياناتها وعمومية ديباجاتها.

معالجة الملف السوري والنظر بمسؤولية إلى ملفات اليمن ولبنان والسودان، كشفا عن جدّية واضحة في ربط تلك الملفات بالحاجة إلى "ثقة عربية" وبأهمية ترصين الموقف العربي إزاء المشكلات البينية، والمشكلات الدولية، وسياسات المحاور، التي تتطلب تنسيقاً "واقعياً ومسؤولاً" يكفل فاعليات التعاون، ويعزز دور العرب في بناء عالم جديد، يحفظ الحقوق، وقيم العدالة الدولية، وهو ما ورد في "البيان الختامي" الذي أكد أهمية العمل على تطوير برامج ومناخات العمل المشترك، والتأكيد على أهمية تعزيز مسارات الاستقرار والتقدّم والتنمية ومكافحة الفساد، فضلاً عن احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والرهان على الحلول السلمية سياسياً ودبلوماسياً لمنع تحول الصراعات الداخلية إلى "حروب أهلية" وإلى "حروب استنزاف" يكون ضحاياها المدنيين، فضلاً عن الدعوة إلى "استثمار التقنية من أجل تحقيق نهضة عربية صناعية وزراعية شاملة تتكامل في تشييدها قدرات دولنا".

التكامل ما بين متطلبات السياسة والاقتصاد والأمن، هي الثالوث الذي يُمثّل صلب الأولويات في البيان الختامي، والتي نأمل أن تكون أفقاً حقيقياً للتغيير، وإلى إعادة النظر بكل السياسات التي تكرّس فيها النمطي، والمكرر، حتى بات البحث عن ذلك التغيير هاجساً وطموحاً وحلماً للجميع.