علي حسن الفواز
حظي فوز الرئيس رجب طيب اردوغان بولاية رئاسية جديدة، باهتمام دولي كبير، وبمواقف ظلّ يشوب بعضها الغموض، ولأسبابٍ توزّعت بين البحث عن التغيير السياسي، وبين إعادة تركيا إلى النظام البرلماني وتوسيع مساحة طموحها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما كان ضمن شعارات أحزاب المعارضة التي خسرت فرصتها في جولة الانتخابات الثانية.
البحث عن حكومة أكثر فاعلية، قد يكون هو الشعار الرئاسي القادم لسياسات اردوغان، إذ يسعى إلى معالجة كثيرٍ من الملفات التي ظلّت عالقة، على مستوى إدارة الملف الدبلوماسي، أو على مستوى المحافظة على الموقف المتوازن من الحرب الأوكرانية الروسية، فضلاً عن ما يتعلّق بتبني إجراءات جديدة على مستوى الملف الأمني، وهو ما بدا واضحاً في تصريحات المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، الذي أكد وجود تغيير واسع في الوزارات "السيادية" مثل الخارجية والدفاع والأمن، وعلى نحوٍ يُعطي دافعية لستراتيجيات التحوّل السياسي في مرحلة رئاسة اردوغان الجديدة، وفي الخطاب الايديولوجي لحزب "العدالة والتنمية" الذي فاز بأغلبية الأصوات في البرلمان التركي الجديد.
قراءة الخارطة السياسية لمرحلة مابعد الانتخابات، تكشف عن معطيات مغايرة تخصّ الواقع التركي، والتعرّف على الأسباب التي ادّت إلى خسارة "المعارضة" لطموحها الرئاسي، رغم كلِّ مابذلته ماكنتها الإعلامية من "تلويحات" أشارت إلى موضوعات حساسة، تخصّ الموقف من اللاجئين السوريين، ومن دعم بعض الجماعات الأصولية، فضلاً عن المواقف الخاصة بسياسات تركيا الخارجية، وهو أعطى لـ"الخطاب الاردوغاني" فرصة للتعاطي الواقعي مع مشكلات تركيا الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، وهو ما أسهم في كسب بعض الأصوات التي ظلت مترددة، والتي كانت تخشى التغيير في ظل ظروف دولية وإقليمية صعبة، كما أنّ سرعة تقديم التهاني بفوز اردوغان بالرئاسة من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن، ومن المستشار الألماني أولاف شولتس، عكست مدى الواقعية التي افرزت نتائج هذه الانتخابات، والضرورة التي باتت تستدعي التعاون والتنسيق مع تركيا الجديدة، وإيجاد توجّهات تضمن عدم وجود أيّ تغيير كبير في سياساتها، والحرص على إيجاد توافقات معها، وبما يخصّ ضبط ايقاع المواقف من القضايا التي تخصّ الأمن الإقليمي
والدولي.