المجلس التنسيقي العراقي السعودي.. مسار نحو التكامل

العراق 2023/06/03
...

 بغداد: هدى العزاوي 


منذ انعقاد أول دورة له في عام 2017، قطع المجلس التنسيقي العراقي السعودي أشواطاً مهمة في ترسيخ أسس العلاقة بين البلدين الشقيقين لتقوم على تغليب مصلحة الشعبين وتجذير الروابط بينهما عبر إيجاد بيئة أكثر استقراراً نحو التنمية، وعدّ خبراء في الاقتصاد والمال والسياسة أن "المجلس" بمثابة مسار نحو التكامل الاقتصادي بين العراق والسعودية ويسهم بجذب الاستثمار والرخاء إلى المنطقة.

وأشار مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، الدكتور مظهر محمد صالح، في حديث لـ"الصباح" إلى أن "المجلس التنسيقي العراقي السعودي مجلس ستراتيجي مهم لتطور العراق ومنطقة الخليج، وذلك لسببين، أولهما بأن العراق والسعودية يشكلان قوة بشرية كبرى في المنطقة، فضلاً عن أنهما يعدّان صاحبي الإنتاج النفطي الثاني في العالم والثالث على مستوى الطاقة النفطية وخزينها في العالم". ونوّه إلى أن "المملكة كانت مستقرة في السنوات الأخيرة ولم يصبها تقلبات كبيرة على عكس كثير من دول المنطقة والعالم، وبالتالي استطاعت أن تّحدّث في اقتصادها وأن تجري تنويعاً كبيراً فيه، ولدى المملكة تجارب جيدة في مجالات الصناعة التحويلية والزراعة والخدمات الرقمية والمصرفية، بينما العراق أرض بكر بطاقات كبيرة، وبالتالي فأن التقارب بين البلدين سيولّد قوة اقتصادية كبيرة".

وبيّن أنه "يعوّل على المجلس التنسيقي العراقي السعودي في إحداث تكامل اقتصادي بين العراق والمملكة العربية السعودية، سواء في مجال تحديث الصناعة التحويلية وفي مجال تحديث الصناعة الاستخراجية - البتروكمياويات والنفط - خاصة وأن السعودية لها باع طويل في هذا المجال، وامتدادها في السوق العالمية سيسحب العراق إلى تلك الامتدادات،  فإذا ما استقرت العلاقات سيكون هناك مستقبل واعد للمجلس التنسيقي لرفع زخم النمو للاستثمارات في البلدين".

واختتمت بجدة في المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي، أعمال الدورة الخامسة للمجلس التنسيقي بين العراق والسعودية، وعبر الجانبان - في البيان الختامي للمجلس - عن حرصهما على استمرار العمل المشترك في العديد من المجالات، لا سيما الطاقة والتعليم والمصارف والربط الكهربائي وغيرها، وأشادا بارتفاع قيمة التجارة بين البلدين إلى 1.5 مليار دولار عام 2022، بزيادة قدرها 50% مقارنة بعام 2021. وتم توقيع العديد من مذكرات التفاهم بين البلدين في قطاعات الصيرفة والنفط والغاز والنقل والكهرباء وغيرها، كما أعلن وزير النفط حيان عبد الغني الاتفاق على مساهمة شركة "أرامك"و السعودية في تطوير حقل "عكاز" الغازي بمحافظة الأنبار.

إلى ذلك، قال مدير مركز العراق للدراسات الستراتيجية، الدكتور غازي فيصل، لـ"الصباح": إن "نجاح المجلس التنسيقي بين العراق والمملكة العربية السعودية في عقد اجتماعات دورية مهمة لمسؤولين في مجال الاستثمار والعلاقات الاقتصادية على مختلف المستويات، يشكل نقطة تحول نوعي في العلاقات الاقتصادية بين البلدين من جهة، والذي ينعكس على عناصر إيجابية لعلاقات العراق الاقتصادية المهمة جداً والتجارية مع دول الخليج العربي من جهة أخرى". 

وأشار إلى أن "العراق أمام منهج جديد للتكامل الاقتصادي مع المملكة العربية السعودية، وأيضاً للشراكة من خلال هذه البوابات الستراتيجية عبر الاستثمار، يمكن أن تجلب استثمارات تقدر بـ 100 مليار دولار (كما أشار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في حديثه مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني)، وهذا يعني أن الثقل الاقتصادي السعودي للاستثمارات في العراق سيؤدي بالتأكيد إلى إعادة بناء القاعدة الصناعية ما قبل 2003، ومحاولة العودة إلى الاقتصاد الإنتاجي والتحرر من الاقتصاد الريعي".

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، نقل في حديث تلفزيوني في شهر نيسان الماضي، عن ولي العهد السعودي استعداد بلاده لضخ استثمارات تقدّر بـ100 مليار دولار في السوق العراقية.


تحرير: محمد الأنصاري