بغداد / معاً نصنع السلا
العلاقات الدولية التي تنشأ من مبدأ المصالح المتبادلة، لهي الوسيلة المثلى في بناء الحضارة الإنسانية وتقدم الشعوب، كون قيامها جاء على أرضية احترام الفرد والدولة بشرط عدم التدخل بالشؤون الخاصة لتلك الشعوب، بالمقابل لا بدَّ من قيام نظام داخلي لكل دولة يحفظ حقوق الفرد والدولة باتجاه ترسيخ نظام الفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة ومبدأ الحقوق والواجبات، أي بمعنى الاعتماد على النظام الديمقراطي، الذي يضمن الاستقرار، وبالتالي يضمن البناء وتطوير الاقتصاد، من هذا المنطلق أقول إنَّ العراق بلدٌ تعرض لويلات عبر التاريخ شلت حركته العمرانية والحضارية، فمنذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921م وحتى سقوط الصنم عام 2003م لم توضع ستراتيجية واضحة المعالم لبناء دولة وفق دستور دائم، كمرجع قانوني تلتزم به الدولة كسلطة وكالفرد، حتى جاءت الحتمية التاريخية، التي أسقطت الحقبة الدكتاتورية، وكان شعار القوات الأجنبية التي أسقطت النظام، هو تحرير العراق، ولكن لا يوجد مسوغٌ قانونيٌ دوليٌ مشرعنٌ بهذا الخصوص، فسمت نفسها بالرجوع إلى الأمم المتحدة ومجلس الامن بقوات احتلال، وهي تسمية استفزت الشعور الوطني لدى العراقي كونه تربى على النفور من هذا وله تجربة مع الاستعمار سابقاً، بيد أنَّ العراقي هذه المرة دخل مع الاحتلال كمشترك في الخلاص من الدكتاتورية، وزاد على هذا انه صاحب الأرض والقضية، أما قوات الاحتلال فسمها ما شئت صديقة تعاونت معه للخلاص، ومن منطلق الحوار الحر مع الاحتلال استطاع المفاوض العراقي وبروح حضارية حريصة على مستقبل البلد أنْ يتفق مع الجانب الآخر، وهو أميركا على صيغة الاتفاق الستراتيجي التاريخي الذي سينهض بالعراق من الدولة المنهارة بكل مفاصلها إلى دولة دستورية مؤسساتيَّة اتحادية فيدرالية وفق مبادئ الدستور العراقي الجديد الدائم، والذي وقعه العراقيون بالدم والشهادة، وكانت ولادته عسيرة جداً..
ونحن إذ ندرك خطورة الوضع في الدول المجاورة للعراق، والذي جعل منها نظام صدام أعداءً متربصين بالعراق لشهوته المتفتحة للحروب والعداوات، وعليه قامت حكومات ما بعد 2003م، وخاصة حكومة العبادي بعمل مهم بالانفتاح على دول الجوار والدول العربية خاصة، ثم جاءت حكومة عبدالمهدي ورسخت هذا بخطوات عملية واتفاقيات ثنائية وفقاً للمصلحة الوطنية لكل البلدان، لذا نأمل أنْ تترسخ هذه العلاقات ذات المنفعة المتبادلة، ومثلما ركز الجانبان العراقي والأميركي على التعاون المشترك من أجل الحفاظ على التجربة الديمقراطية العراقية الجديدة ومن (أجل تعزيز الأمن والاستقرار في العراق والمساهمة في إرساء السلام والاستقرار الدوليين، إذ سعى الطرفان بفعالية من أجل تعزيز القدرات السياسيَّة والعسكريَّة لجمهورية العراق، وتمكين العراق من ردع المخاطر، التي تهدد سيادته واستقلاله السياسي ووحدة أراضيه ونظامه الديمقراطي الاتحادي الدستوري، وهكذا استطاع العراق وبقدرات قواته من جيش وحشد شعبي القضاء على أشرس عدوٍ في عموم التاريخ، ألا وهو العدو
الهمجي “داعش”.
ومن منطلق الاستقرار الأمني، سعت الدبلوماسيَّة العراقيَّة فتح الأبواب امام هذه العلاقات الدولية وفق المصلحة الوطنية، اي يكون المبدأ الأساسي في السياسة العراقية، هو البحث عن مصالح العراق وشعبه في خضم تكالب القوى الدولية التي تبحث عن مصالحها بحجة أنَّ العالم مصالحٌ متبادلة، ثم هذا الانفتاح الاقتصادي الإقليمي والدولي على العراق له منافع كبيرة آنية ومستقبليَّة.. إذنْ لا بدَّ أنْ تسعى كل القوى العراقية لأجل استثماره بما يخدم النهوض والبناء ووضع حد لهذه الأزمات السياسية بين الكتل، والتي أخذت أبعاداً عطلت فيه عمل المؤسسة التشريعية والتنفيذية، ولا بدَّ أيضاً من وضع مبدأ عدم التدخل في القضاء والقانون كوعيٍ وكتنفيذٍ، وكل من تطاول على القضاء يجب مساءلته المساءلة العقابيَّة الشديدة، ولا بدَّ كذلك من احترام الفواصل بين السلطات الثلاث والعمل على تناغمها من أجل بناء دولة القانون والمؤسسات.
تنصيص: منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921م وحتى سقوط الصنم عام 2003م لم توضع ستراتيجيَّة واضحة المعالم لبناء دولة وفق دستورٍ دائمٍ، كمرجعٍ قانوني تلتزمُ به الدولة كسلطة وكفرد، حتى جاءت الحتمية التاريخيَّة التي أسقطت الحقبة الدكتاتوريَّة، وكان شعار القوات الأجنبيَّة، هو تحرير العراق، ولكنْ لا يوجد مسوغٌ قانونيٌ دوليٌ مشرعنٌ بهذا الخصوص