العراق ومسألة التهدئة وقدرات الاستثمار

آراء 2023/06/06
...

سعد العبيدي
وإن اتجه العالم في بعض مناطقه إلى التوتر، فإنه في المنطقة الإقليمية التي يقع وسطها العراق يتجه إلى التهدئة النسبية، إذ نرى في شرقه والجنوب قد خفت حدة الشك كثيراً بين السعودية وإيران، لمستوى أنتج اتفاقاً على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما والاستمرار في السير باتجاه بناء الثقة
 وفي غربه تنازل العرب، وخففوا من غلوائهم اتجاه سوريا، وافقوا على اعادتها إلى حضيرتهم العربية، عضواً في جامعتهم غير الفاعلة وحثوا إلى التطبيع معها، وفي شماله حافظ الأتراك على مواقفهم ومطالبهم في الضغط باتجاه نزع انياب حزب العمال الكردستاني التركي (PKK) وأبدوا استعداداتهم للتعامل مع عديد من الملفات العالقة بين البلدين بينها ملف المياه.
إن التهدئة التي حصلت في المنطقة، ترتبط حتماً بمواقف الكبار في هذا العالم، ولهم فيها حصص دفعت بهم إلى المساهمة في حصولها، أو غض النظر عن التحرك المحلي والإقليمي لحصولها، ما يعني رضا أغلبهم على الاستمرار بها واستثمارها، ويعني من جهة أخرى فرصاً إيجابية تهيأت إلى العراق، كما تهيأت لغيره يمكن استثمارها لأغراض التنمية والتطوير، التي يحتاجها بغية الخروج من واقع الخنق والاضطراب الذي عاناه لعشرين عاماً متصلة.
لكن الاستثمار في العراق لا يتوقف على الحكومة التي أبدت تفهمهاً واضحاً لهذه الأجواء المناسبة، واستجابت سريعاً لحصولها، لأن مسألته معقدة، فهو بحاجة أولاً إلى تشريع قوانين من برلمان وإن سيطرت عليه أغلبية تنتمي إلى الاطار التنسيقي، لكنها ليست منسجمة بالمقدار الكافي لتسهيل تمرير قوانين الاستثمار ودعم المشاريع الاستراتيجية التنموية للدولة، وهو بحاجة ثانياً إلى بنى تحتية مالية واجتماعية تتوافق مع حركة وشفافية انتقال رؤوس الأموال وقبول الأجنبي في الوسط المحلي، وكبح جماح العشيرة وتجار الدين، ومع هذا فالفرصة ما زالت سانحة، والسباق بين الدول لاستثمارها ما زال قائماً إن لم يستغله أهل العراق، سيجدون أنفسهم وقد تخلفوا عشرين سنة أخرى في عالم بات التخلف فيه عاملاً يمهد إلى الفناء.