الإعلام العراقي ما بعد 2003.. قصورٌ عن مستوى التحديات

العراق 2023/06/06
...

 بغداد: حيدر الجابر

عَلى الرغم من الانفتاح الواسع وغير المحدود للإعلام بعد 2003، وسقف الحريات المرتفع الذي يتفوق على نظيره في دول الجوار، إلا أن الحديث عن تأثير الإعلام العراقي في المواطن لا يرقى إلى مستوى التحديات، وهو ما يعني فقدان عدد من الأدوات المهمة الضرورية لمواكبة التطورات الجديدة.
ويرى الأكاديمي والإعلامي، الدكتور محمد الكاظم، أن الإعلام العراقي لا بد له من تبني قضايا المواطن الأساسية، ومعالجة المشكلات بروحية الإصلاح، داعياً الدولة العراقية ومؤسساتها إلى الاهتمام بصناعة الرأي العام.
وقال الدكتور محمد الكاظم لـ"الصباح": إنه "برغم وجود الكثير من التجارب الإعلامية، إلا أننا لا نستطيع الحديث عن (إعلام عراقي) يحمل سمات البلد ويتبنى قضايا مواطنيه الأساسية وطموحاته الستراتيجية، ويسهم في صناعة عقل عراقي معاصر يعالج قضايا التنمية والاقتصاد والمجتمع ويعالج مشكلات السياسة بروحية البناء والإصلاح ويلاحق الاتجاهات العالمية الحديثة في إدارة الإنسان والمادة والوقت".
وأضاف، أن "صناعة الرأي العام مهمة لا توليها الدولة أهمية كبرى، وصياغة الأفكار الأساسية التي تصبح الرأسمال الجمعي مساحة لا يفكر بها أحد"، ودعا إلى أن "نصنع نجوماً في الإعلام التقليدي، ليكونوا مؤثرين في الواقع الافتراضي، لذلك يسميهم الغرب (مؤثرين) بينما نسميهم نحن (مشاهير)". وأكد، أننا "ننشغل كثيراً بالسياسة وننسى بناء الدولة، نركض وراء الإثارة وننسى المشروع"، وانتقد ما أسماه "المماحكات والضرب تحت الحزام، وننسى انعكاسها على الشارع"، وختم بالقول: إن "المتلقي حدد خياراته وسقط في فخ مواقع التواصل الاجتماعي".
من جهته، لفت مدير تحرير وكالة "الفرات نيوز"، كاظم العطواني إلى تراجع تفاعل المواطنين مع وسائل الإعلام، مذكراً بتفاعل المواطن في جوانب كثيرة.وقال العطواني لـ"الصباح": إنه "على الرغم من تراجع تفاعل المواطنين مع الوسائل الإعلامية خلال الأعوام الأخيرة بفعل تنوع المنصات واتساع رقعتها، لكنه يبقى صاحب نشر الرأي العام وتفعيله". وأضاف، أن "هذه المنصات، وإن كان لها متابعون، لكنها ليست ضمن نطاق الإعلام أو الصحافة المنظمة"، وبيّن أن "هذه المنصات أكلت من جرف الإعلام وتنافسه بشدة"، ولفت إلى أن "كل شخص لديه مهارات معينة، وإن كان لا يفقه في الإعلام شيئاَ يستطيع فتح منصة على البرامج التفاعلية ويكون له متابعون وجمهور".
وأكد، أنه "من الخطأ القول إن هذه المنصات لم تؤثر في الإعلام المنتظم"، وأشار إلى "تفاعل المواطنين مع الإعلام في جوانب كثيرة وهو محرك لكثير من القضايا، ولا سيما إذا تفاعل مع المادة أصحاب المنصات في البرامج التفاعلية ليشكل ذلك الرأي العام".
ووصف الصحفي والمدوّن، محمد وذاح، كسب الجمهور بالتحدي الأكبر أمام الإعلام، إضافة إلى تحدٍ جديد هو منافسة الإعلام العربي.
وقال وذاح لـ"الصباح": "ليس هناك من يجادل بشأن أهمية الإعلام في كسب معركة العقول والقلوب في آنٍ واحد"، وأضاف أن "الإعلام تحوّل إلى أحد أبرز أدوات ما يُعرف بحروب الجيل الرابع، لا سيما وأن أدوات هذه الحروب جميعها قائمة على وسائل القوة الناعمة ومنها الإعلام بطبيعة الحال".
وأضاف، أن "التحدي أمام الإعلام العراقي هو كسب قلوب الجمهور والإمساك بهم، من خلال تحريك الراكد والخروج من المحلية والانطلاق نحو العالم العربي في تسويق وجذب المشاهدين والمتلقين، ولا سيما في ما يتعلق بالدراما والبرامج العامة غير السياسية"، مؤكداً أن "ذلك لن يتحقق إلا بتغيير المضمون والرسالة الإعلامية والارتقاء في مستوى البرامج والتغطيات الإعلامية، والابتعاد عن الاستنساخ والتقليد الأعمى".
ونبّه، إلى أن "التحدي الجديد الذي لم ينتبه له الإعلام المحلي هو وجود خيار عربي للمشاهد العراقي، وأن الإعلام العربي يستهدف الجمهور العراقي، وهذا يعني أنه يستقطب جمهوره الواسع".

تحرير: محمد الأنصاري