وليد خالد الزيدي
حينما تسود العدالة تاخذ الحياة شكلها الطبيعي، وفيها تتلون الحرية بسماتها الانسانية ولأن الله تعالى وهبنا الحياة فقد منحنا كذلك حرية العيش فيها وقدرة التعامل معها بطريقة تتناسب مع حكمته في خلقه ومشيئته في حياة البشر، فالمساواة بين الناس اذا ما شرعت من قبل أي حاكم، وتأصلت جذورها فإنها حتما ستكون كنبتة سريعة النمو وارفة العطاء في ظلها، يعيش الجميع وهم مستعدون دائما للمحافظة عليها، والدفاع عنها تحت كل الظروف وشتى الأحوال.
تلك المضامين وجدت لتستمر الشعوب في العيش الكريم والمجتمعات في وحدة ووئام والفرد، تحت خيمة الجماعة ليشعر أنه أحدهم عليه ما عليهم وله ما لهم فليس ثمة قيمة فضلى، ولا رحمة عظمى كما هي العدالة التي تجعل جميع المواطنين أشخاصا صالحين يسهمون بالقدر نفسه في بناء الوطن، الذي يحيون فيه، فلا حكومة افضل من تلك التي تعلم ابناء شعبها حكم انفسهم في مناخات عدل وانصاف من دون تمييز فئة على أخرى.
ولو تمعنا النظر في فقرات البرنامج الحكومي، خلال المرحلة الحالية، لوجدنا أنها اتسمت بفسحة واسعة، تأمل منها المواطنون جميعا عيشا وسعادة وأمانا، وتجلى ذلك في تاكيدات لجنة تبسيط الإجراءات الحكومية، مؤخرا على العمل لرعاية الفئات المهمَّشة وتفعيل مبادرات نوعية في مجالات عدة لتعد أحد مؤشرات التغيير الحضاري، وسمة التجدد في الارتقاء بالطبقات الفقيرة وايجاد مبادرات نوعية لخدمة الجميع وترجمة منهاجها الوزاري، ليشمل مسارات متساوية لتقليل الإنفاق وزيادة الإيرادات وجذب المستثمرين لسوق العمل.
من الضروري توضيح قضية ذات اهمية قصوى في تلك المسألة وهي التحليل الموضوعي، لطبقات المجتمع العراقي في ضوء معرفتنا التامة بالمسارات المجتمعية، خلال الاعوام الماضية التي تميزت بفوارق طبقية واضحة، بسبب التفاوت الكبير في فرص توظيف الشباب القادرين على العمل والفوارق الوظيفية، التي افضت إلى تباين المستويات المعيشية بين الافراد والأسر، فتمايزت طبقاتِ المجتمع في ما بينها وبرزت فئات ثرية جدا واخرى ميسورة دونها وفئات فقيرة وغيرها دون خط الفقر، وما زاد من الأمر سوءا هو الفساد المالي والاداري الذي ما زال يئن منه البلد والذي قسم المجتمع إلى طبقات متباعدة في علاقاتها، ومستوى تجانسها بحيث ابعدت النسبة الاكبر من الشعب عن حقها في العيش الكريم والتمتع بمصادر الثروة الوطنية، بينما تمتعت فئة قليلة بملكيات خاصّة ضخمة، ونمت نموا متعاظما من الناحية الاقتصادية فتضخمت اموالها وارتفعت قدرتها الشرائية، فتضاعفت اسعار السلع والخدمات والاملاك العقارية وحتى المواد الغذائية في جميع الاسواق، لذا تزايدت مأساة بقية فئات الشعب وبنسبة كبيرة وهمشت واصبحت تعيش على الكفاف وعينها على الحكومات المتعاقبة عسى أن تصدر حزمة قرارات ترفع من شأنها وتنتشلها من بؤرة الفقر، وأصبح لسان حال الناس الآن ينادي بضرورة، تنفيذ فقرات البرنامج الحكومي للارتقاء بمستوى عيشها.