خطر الـــ {الدرّاخة}

آراء 2023/06/10
...

حارث رسمي رحومي

لا ينشب خلاف الا بعد جملة “والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”، ودائماً ما نحاول أن نوضّح الواضحات، ونعيد البديهيات، وهي إن الرأي الآخر هو رأي ايضاً، وتباين الآراء في هذا المورد ليس خروجاً عن الأخلاق، كما أن لا علاقة لها بالتمرد على السلطة أحياناً، مهما كانت هذه السلطة وحدودها (البلد- العشيرة- البيت). كل ما في الأمر أن هناك أكثر من زاوية يمكن النظر من خلالها إلى الفيل.  ويبدو ان هذه حيلة مدبّرة باتقان، أن يكون رأيك نابعاً من رأي السلطة مهما كانت، يرجع لها ويدور في فلكها، يناغمها أغلب الوقت، وكل هذا يعني ألا مجال لولادة الجديد حتماً، حتى أننا تعلمنا أن ندرس التاريخ مثلاً باعتباره سرداً للحفظ، وكم أشاروا إلى طلابه والمشتغلين فيه باعتبارهم “درّاخة”. بينما يقع هذا الدرس في دائرة الدروس الواجب الاشتباك معها، وتقديمها برؤية جديدة، بوصفه –التاريخ- درساً للتفحّص والمعالجة لا للسرد. والا أصبح من يعمل في هذا الحقل أقرب إلى الحكواتي، الذي لا يعرف عن الشاطر حسن الا باعتباره الشاطر حسن!!.
في تركمانستان مثلاً، سن قانون ينص على منع إطالة اللحى، أو تركيب أسنان ذهبية، وآخر يمنع استخدام تقنية مزامنة الشفاه، التي تستخدم في الحفلات الغنائية، ولعل سائل يبحث في الاسباب وراء ذلك، لكن ببساطة الاجابة كانت إن “صفر مراد نيازوف” كان ينزعج من كل هذه الأشياء، والأخير كان رئيساً للدولة هناك، وآخر منع استخدام كلمة مثقف في الدولة كما الحال عند فرانسيسكو نيغما. وهذه أشكال من مخاطر السلطة، التي لا تعتقد بأن للصورةِ أكثر من زاوية، أو أن يكون للوجع أكثر من صوت، حتى أنها تفترض رأياً واحداً في ما يخص حياتنا.  في معرض اجابته عن سؤال كيف يمكن أن تتشكّل معارضة للقيم المهيمنة، يجيب بيير بورديو عالم الاجتماع الفرنسي: “ألا نقول إلا ما نريد قوله، أن نتكلم نحن بدلاً من أن نتكلم بلسان الآخرين، أي بكلمات مستعارة محملة بمعنى اجتماعي، أو أن يتحدث لسان حال نيابة عنا”.