الهستيريا وتفجير نوفاكاخوفكا

قضايا عربية ودولية 2023/06/10
...

علي حسن الفواز

تحولت الحرب في أوكرانيا إلى رهانٍ هستيري على الانتصار، وعلى مواجهات ساخنة تتجاوز كلَّ قواعد الاشتباك، فبعد تفجير سدِّ نوفاكاخوفكا، ومحطتها الكهرومائية في منطقة خيرسون، تبادل البلدان الاتهامات حول من قام بهذه التفجيرات، والتغويل بالحديث عن أضرارها الكارثية؟.
لكن السؤال الأكثر غموضاً، يتعلّق بتوقيت هذا التفجير، ولماذا تغافلت الولايات المتحدة عن الإشارة إلى تحديد مسؤولية الفاعل عن هذه "الجريمة البحرية"؟.
هذا التغافل ليس بعيداً عن تورية التعتيم على بدء ما يسمى بـ"الهجوم المضاد" الذي هددت به أوكرانيا، وسط رفضها لأيّ تجميد للصراع مع روسيا، مقابل تحميلها كل تداعيات ما حدث بعد تفجير السد الستراتيجي، وتعرّض مدن أوكرانية للغرق، وتضرر مساحات واسعة من حقول القمح، والتي ستنعكس حتماً على ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً.
الأداء الهستيري في الحرب وفي السياسة، تحوّل إلى موقف عدمي، دون مراعاة ما يمكن أن يحدث، والذي سيدفع حتماً إلى تفاقم الأخطار الكارثية في هذا الصراع على مستوى البيئة وأضرارها، وعلى مستوى مايمكن أن يجري في محطة زاباروجيا النووية، والتي ستتضرر بسبب تناقص منسوب المياه المُغذية لها، وبالتالي وضع العالم أمام مشكلة من الصعب تفادي أخطارها، فرغم خروج تدفق المياه عن السيطرة، واحتمال تعرّض المدينة إلى الغرق، فإنَّ الحديث عن الهجوم المضاد، والرهان على تغيير معطيات الصراع، صار أشبه بالرهان على الاشباح، ليس لأنَّ الغرب يريده أن يظل صراع استنزاف مفتوح، بل لكي تختلط الأوراق في هذا الصراع، وصولاً إلى التهديد بـ"ممارسات ملعونة" أو بـ"القنابل القذرة" كما يُسمّيها الروس، والتي ستقود الجميع إلى مزيد من "الهجومات" و"التفجيرات" التي قد تطال جسوراً أخرى، وسدوداً أخرى، وربما القيام بعمليات انتحارية تدفع هذا الطرف أو ذاك إلى تأجيج الهوس بالانتقام، وهو ما يعني تقويض أي فرصة للحوار والسلام، والنزوع إلى تحويل أوكرانيا إلى غابة للصواريخ، وروسيا إلى منطقة للرعب النووي بأسلحتها التكتيكية والستراتيجية، وربما نقل هذا الرعب إلى الدول الحليفة في أوروبا أو في خارجها.
الرواية الأوكرانية، وعلى رأي الرئيس زيلينسكي تهدف إلى ربط تفجير سد نوفاكاخوفكا بالدعوة إلى مزيد من الدعم لأوكرانيا بالصواريخ والطائرات، فضلاً عن مخاطبة العالم على "طرد الإرهابيين من كل زاوية من الأرض الأوكرانية" كما سمّاهم.