مساع جادة لحسم قضية {الملاك المؤقت} في شبكة الاعلام

العراق 2019/04/24
...

بغداد / هدى العزاوي 
تعهد موظفو "الملاك المؤقت"، العاملون في شبكة الإعلام العراقي، باستمرار اعتصامهم أمام مبنى الشبكة لحين تثبيتهم على الملاك الدائم، موضحين أن نصب خيمة الاعتصام التي أطلقوا عليها "خيمة وطن" تأتي اعتراضاً على ما أسموه "سرقة درجاتهم الوظيفية". 
الى ذلك دعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حسن كريم الكعبي، خلال استقباله رئيس شبكة الإعلام العراقي فضل الله فرج لبحث موضوع اعتصام موظفي الملاك المؤقت في الشبكة.  وشدد النائب الاول لرئيس البرلمان، على إيجاد الحلول الممكنة والعاجلة لتحقيق مطالبهم المشروعة والكفيلة بتثبيتهم على الملاك الدائم، داعيا رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي ووزارة المالية للعمل على دراسة المطالب المشروعة للمعتصمين والعمل على تخصيص الدرجات الوظيفية اللازمة لموظفي الملاك المؤقت العاملين في الشبكة. وأكد الكعبي، وقوفه مع المعتصمين في تحقيق مطالبهم المشروعة ووضع معالجات قانونية - آنية بصددها.
خطأ "إداري"
وقال المراسل الحربي عباس العلوي، الموظف منذ ثلاثة عشر عاما على الملاك المؤقت: إن حقوقه سلبت بذريعة الاخطاء الادارية التي وقع ضحيتها هو وما يقارب 300 موظف في شبكة الاعلام العراقي أدرجت اسماؤهم تحت صفة الملاك المؤقت.
وذكر العلوي، في حديث لـ"الصباح"، "نعتصم منذ اكثر من سبعة أيام امام مبنى شبكة الاعلام العراقي تحت "خيمة وطن" التي جمعت اسماء اعلامية لامعة وقفت صفا واحدا لمواجهة الخطأ الاداري الذي وقعنا ضحيته منذ عام 2009 عندما وفرت الحكومة الفرصة لنا للتعيين على الملاك الدائم".
واضاف العلوي، الذي اصيب في اربع معارك كان اخرها معركة تحرير الفلوجة: "بعد استيفاء موظفي الملاك المؤقت شروط التثبيت كافة مع اللجان المختصة، صدر كتاب من قبل مديرية ادارة الشبكة بتعييننا عام 2009 اسوة بزملائنا على الملاك الدائم، ولكن بعد مرور سنوات من العمل وبسبب ضعف خبرة موظفي الادارة تحولنا من صفة عقد الى ملاك مؤقت"، لافتاً إلى أن "إداريي الشبكة أكدوا لنا وقتها انها مجرد مصطلحات واننا على الملاك الدائم وحسم الامر، فتبين فيما بعد انها مجرد عملية نصب واحتيال لسرقة الدرجات الوظيفية المخصصة لنا".
وتعهد العلوي بأنه مهما طالت مدة الاعتصام سنبقى ننتظر تلك اللحظة التي نستحصل فيها حقوقنا ممن أباح لنفسه سرقتنا، معبراً عن أمله بـ"الجهات ذات العلاقة التي وقفت معنا منذ ان اعلنا اعتصامنا امام مبنى شبكة الاعلام العراقي".
من جانبه اشار المخرج تحسين الصرخي الذي يعمل بصفة عقد منذ عام 1997 إلى أنه بعد ان عجزت مؤسستنا المستفيدة من خدماتنا من تحقيق مطالبنا المشروعة وانصافنا، فما كان لنا الا ان نلجأ الى "خيمة وطن"، مبيناً ان هذه الفكرة او التسمية تبلورت لدينا من منطلق أنه لا فرق بين المواطنين الذين يجمعهم وطن واحد وطلب واحد بتثبيت الملاك المؤقت.
وأوضح الصرخي، لـ"الصباح"، أنه "على الرغم من الاعتصام الا اننا لم نتخل عن عملنا الصحفي بالشبكة على أكمل وجه وسنستمر بنفس الانتاج والعطاء منذ ان حسبنا على شبكة الاعلام العراقي".
في حين طالب الموظف على الملاك المؤقت منذ عام 2003 المخرج تحسين لعيبي بتعويضهم عن الضرر الذي اصابهم خلال السنوات الماضية واحالة المنتسبين الذين تسببوا بمعاناتنا، الى النزاهة، واعادة درجاتنا الوظيفية التي تمت سرقتها، مؤكداً لـ"الصباح"، "لن نفارق خيمتنا الا عند تحقيق مطالبنا واستحداث درجات وظيفية لتحويلنا على الملاك الدائم اسوة بزملائنا في شبكة الاعلام العراقي".
 
مساع برلمانية 
وبشأن مطالب المعتصمين، أفاد عضو مجلس النواب عدي عواد بأن مجلس الوزراء ضمن موازنة 2019 لديه صلاحية استحداث درجات وظيفية ضمن ما يراه مناسباً لسياسة الدولة، لافتاً إلى أن 200 او 250 درجة وظيفية لن تؤثر في الموازنة اذا تضمنتها.
وأوضح عواد، لـ"الصباح"، أن "الملاك الوظيفي المؤقت موجود منذ بدايات الثمانينيات واستحدث في زمن النظام المباد واعتمدته وزارة الكهرباء منذ 2009 الى 2019 الى ان تم تثبيت العاملين بهذه الصفة على الملاك الدائم"، داعياً الجهات المعنية إلى "اخذ قضية  معتصمي شبكة الاعلام العراقي في الاعتبار وتحويلهم إلى الملاك الدائم".
وأكد عواد "نسعى الى دعم المعتصمين عن طريق تحقيق لقاء بين ممثلي الاعتصام ووزير المالية ومدير عام دائرة الموازنة لطرح مشكلتهم وايجاد حلول لها سواء ان كان من قبل مجلس الوزراء او النواب".
بدوره، طالب عضو اللجنة القانونية البرلمانية النائب محمد الغزي الامانة العامة لمجلس الوزراء ورئيس الوزراء بتوفير درجات وظيفية لهذه الكوكبة من الاعلاميين الذين شاركوا في معارك التحرير وتعرضوا الى اصابات.
واكد الغزي، في حديثه لـ"الصباح"، أنه "تم تفعيل موضوع المعتصمين ومطالباتهم داخل لجنة الثقافة والاعلام البرلمانية، لذا نحن نعمل على ايجاد حلول لحصولهم على كافة مستحقاتهم القانونية المغبونة".
من جهتها، اصدرت لجنة الثقافة والاعلام بيانا اعلنت فيه عن تضامنها مع معتصمي شبكة الاعلام العراقي وطالبت وزارة المالية والامانة العامة لمجلس الوزراء واعضاء مجلس الامناء في شبكة الاعلام العراقي بانهاء معاناتهم وتثبيتهم اسوة باقرانهم.
وأوضح عضو اللجنة النائب بشار الكيكي، في حديث لـ"الصباح"، أن "البيان صدر على اثر اعتصام موظفي الملاك المؤقت من قبل اللجنة ونسعى الى مخاطبة جميع الجهات المذكورة انفا لانهاء معاناتهم وتجاوز الاخطاء الادارية التي حدثت سابقا بحقهم وتصحيحها  بالطرق القانونية واعادة حقوقهم"، مؤكداً أن "ابواب اللجنة مفتوحة امام جميع المتظلمين وسنحاسب كل من تسبب بضرر لهم سواء ان كان ذلك بطريقة متعمدة او غير متعمدة، لذا نطالب بالاسراع لايجاد حلول لهذه الشريحة من قبل الجهات ذات العلاقة ومساواتهم مع موظفي دوائر الدولة على الملاك الدائم". 
 
مخاطبات رسمية
بينما أكد عضو مجلس أمناء شبكة الاعلام العراقي الدكتور علي الشلاه ان هناك خطأ اداريا حصل منذ عام 2009 عندما خصص رئيس الوزراء المالكي درجات وظيفية لم يذهب جزء منها الى المشمولين بها وبقى موظفو الملاك المؤقت على ما هم عليه برواتب وامتيازات اقل من موظفي الملاك الدائم.
وأضاف الشلاه، لـ"الصباح"، "قبل يوم من اجتماع مجلس الامناء مع رئيس الجمهورية هيأ المجلس في لجنته قرارا بمخاطبة رئيس الوزراء ووزير المالية للحد من معاناة المعتصمين وايجادل حلول سريعة لهم،  فضلا عن استصحاب كتاب الى رئيس الجهمورية الذي وافق على مخاطبة رئيس الوزراء بشأن موظفي الملاك المؤقت لشبكة الاعلام العراقي الذين لا يتجاوز عددهم 300 موظف"، مبيناً "نعمل بشكل جدي لحل موضوع المعتصمين الذين تعرضوا الى غبن كبير يحتاج الى معالجته بأسرع وقت ممكن".
من جانبه، اكد مدير مكتب مجلس الامناء هشام الشديدي، لـ"الصباح"، أن مساعي حثيثة وخطى صادقة من قبل الجهات المعنية في الشبكة تبذل لايجاد حلول ناجعة لمظلومية الملاك المؤقت وشرح ابعاد قرار مجلس الوزراء رقم (12) الذي لم يكن موفقاً في معالجة مشكلتهم كونهم كانوا اصلا بصفة عقود سابقا قبل تحويلهم الى الملاك المؤقت وقرار مجلس الوزراء يعيدهم خطوة الى الخلف لذا الحل يكمن باستحداث درجات وظيفية لانصافهم اسوة باقرانهم من الملاك الدائم.
 
تضامن إعلامي 
على صعيد ذي صلة، رأى نقيب الصحفيين مؤيد اللامي أنه لا يمكن ان يتحمل العاملون في شبكة الاعلام العراقي الخطأ الذي ارتكب بحقهم منذ تحويلهم الى ملاك مؤقت بعد ان كانت عقودهم مؤقتة وعلى الجهات ذات العلاقة انصافهم وتثبيتهم على الملاك الدائم لان اغلبهم ضحى وشارك بعمليات التحرير وهم من يستحقون التكريم للاذى الذي لحق بهم.
واضاف اللامي، في حديثه لـ"الصباح"، "اتابع بشكل شخصي موضوع موظفي الملاك المؤقت لرفع الظلم عنهم والمطالبة بحقوقهم، لان الصحفيين العراقيين هم من أكثر الفئات التي قدمت وبذلت جهدا كبيرا في عمليات التحرير حتى وصل عدد الشهداء الى اكثر من 475 صحفيا في سبيل الحرية"، معربا عن اسفه بأن "هناك من يعرقل نيلهم حقوقهم لذا اقول لمن يقف وراء هذا الظلم ستخسر لانه يحارب من ضحى من اجل بناء الحرية وترسيخ مفاهيم الديمقراطية في العراق".
وفي السياق نفسه، اشار مسؤول مرصد الحريات الصحفية هادي جلو مرعي، لـ"الصباح" إلى أن "هذا الاعتصام مهم للغاية لانه يعبر عن رفض لعمل الادارات بطريقة سيئة لا تراعي ظروف وحقوق العاملين في مؤسسة مهمة كشبكة الاعلام العراقي ولسنوات طويلة ما يعني ان حقوق الصحفيين لا تجد الاهتمام الكافي وهي مظلومية تحولت الى ظاهرة في مؤسسات الاذاعة والتلفزيون ووكالات الانباء والصحف مع تزايد عملية تسريح العاملين فيها بدعوى التقشف".
 
الثغراث القانونية 
ومن الناحية القانونية، أوضح رئيس قسم التحقيقات في مديرية الشؤون القانونية حسام سرحان كاظم الشرشاحي، لـ "الصباح"، أن "القرار المرقم (603) في 12/8/1987، الخاص بتنظيم التعيين المؤقت، ينص على أن (للوزير المختص ورئيس الدائرة غير المرتبطة بوزارة أو من يخولانه، تعيين الذين أكملوا الثامنة عشرة من العمر، بصفة موظفين مؤقتين في الأعمال ذات الطبيعة المؤقتة على أن يقتصر التعيين في الأعمال والمهن التي تهدف إلى زيادة الإنتاج وتحسين نوعيته وتحسين الأداء بوجه عام، ويمنح الموظف المؤقت عند تعيينه، الراتب الذي يستحقه حسب مهارته وكفاءته الفنية، ويتم تحديد هذا الراتب من قبل لجنة مختصة تشكل في الجهة ذات العلاقة).
وأضاف الشرشاحي أن "القرار (603) لا ينطبق  اطلاقا على عمل شبكة الإعلام العراقي كون معظم الذين تم تحويلهم على نظام الملاك المؤقت من المبدعين في مجال اختصاصهم وليسوا عمالا ماهرين، كما ان القرار جاء يعالج حالات تتعلق بالمشاريع الاستثمارية المحددة بزمان ومكان وهذا لا ينطبق على الحالات التي نحن بصدد إيجاد حلول لها لذا فان القرار جاء مجحفاً بحق هذه الشريحة من الموظفين العاملين في الشبكة ولسنا هنا بصدد إلقاء اللوم على احد بقدر ما نريد وضع الأمور في نصابها وإيجاد الحلول الناجعة والسريعة لهذا المأزق الذي يكاد أن يتحول إلى معضلة غير قابلة للحل".
واقترح الشرشاحي استخدام الدرجات الوظيفية التي تشغر بسبب الإحالة على التقاعد أو الوفاة أو الاستقالة وهذا الموضوع يحتاج إلى شيء من التوضيح كون أن شبكة الإعلام العراقي من الدوائر الممولة ذاتياً والتي تتلقى منحة من وزارة المالية وان مثل هذه الدوائر لا تتيح لها وزارة المالية استخدام هذه الدرجات لذا يجب العمل على استثناء شبكة الاعلام العراقي من ذلك والسماح باستخدام هذه الدرجات التي ستغطي الجزء الاكبر من الحاجة الفعلية واستحداث المتبقي من الدرجات حسب السياقات، فضلا عن مطالبة وزارة المالية بتوفير الدرجات الوظيفية لموظفي شبكة الإعلام العراقي من الملاك المؤقت والعقود والأجر اليومي والأجر المقطوع والعمل عليها بصورة جدية وعدم الاكتفاء بإرسال الكتب والمخاطبات وترك الموضوع من دون مراجعة ومطالبة حقيقية بل أن يكون العمل على غرار وزارة الكهرباء التي تكلل عملها بالحصول على (33) ألف درجة وظيفية في حين تعجز الشبكة عن توفير درجة واحدة لموظفيها".