كاظم لفته جبر
تعد السلطة هي الرابط بين الأفراد المواطنين والسياسيين، وتنعم هذه العلاقة بالاستقرار بعد إبرام العقد الذي يتيح للسياسي الحكم باسم الشعب، اي بمعنى تخويله المسؤولية للحفاظ على حقوقهم، والعمل على تلبية حاجات الأفراد، وتنظيم موارد الدولة المادية والثقافية، فالحكم حكم الشعب وعلى السياسي أن يلبي طموحاتهم وفقاً للعقد. ويؤكد «جونسون» ذلك بقوله: بأن المرء اذا تسلم مسؤولية عامة، فعليه أن يعتبر نفسه مُلكاً للجميع.
لكن إذا تجاوز أحدهم هذا العقد أو الدستور أصبح خارج إطار هذا الاتفاق، اذا كان الفرد من الشعب سمي معارضا، أما إذا كان من السياسيين أصبح معترضا، والفرق بين المعارض والمعترض، هو أن الاول يمارس دورا انعزاليا، من دون المشاركة في تفويض الدولة من خلال الانتخابات أو الممارسات السياسية الأخرى وهمه الأكبر مصلحة الوطن، اما المعترض فهو الذي يعمل مع النظام، ويمارس دوره بالاعتراض على بعض القوانين وسلوكيات السلطة من أجل مصلحته الشخصية.
فالنظام السياسي قائم بوجود المعارضين أو المعترضين، لكن مع وجودهم سواء كانوا أفرادا أو سياسيين، يفقد جزءا من شرعيته وقوته وتكون هناك حكومة ظل بوجود تلك السلطة. فهل هذا يجعل المعارضين الأفراد يفقدون امتيازاتهم وحقوقهم كمواطنين؟، واجابة ذلك تبقى حسب نوعية السلطة، ففي النظام الديموقراطي يتمتع الأفراد بجميع الحقوق، أهمها حرية الرأي والتعبير، لكن في النظام السياسي الاستبدادي، والابوي يكون الفرد متهما، ويفقد حقوقه الأساسية، و المشرعة في الحرية والتعبير.
هذا المعادلة التي تبيّن الفرق بين الحكم الديمقراطي، والحكم الاستبدادي واضحة المعالم، لكن المشكلة في الحكم المتداخل بين الأمرين اعلاه، إذ يكون حكما غير واضح المعالم، قد يكون ذلك نتيجة الأجندة الخارجية، أو الاشتقاقات والتبعيات الداخلية، فضياع معنى الحكم والسلطة بين السياسي وجمهورهم، لذلك من الصعب معرفة من الذي يتحمل تردي الأوضاع وضياع البلد، هل السياسي الذي يرى في السلطة كمغنم، أو الفرد الذي أصبح يتماشى مع مكر السياسيين، والخضوع لنواياهم والثناء عليهم، فسكوت الشعب عنهم، والقبول بتصرفاتهم وقوانينهم في المجال العام، من خلال تكيف وضع الفساد والرشاوى، حتى أصبحت عادات وعرفا عند المجتمع للحصول على حقوقهم.
بهذا المنهج تكون السلطة وهمية، مرتبكة غير مستقرة يعتريها المرض، غير مسؤولة عن قراراتها، بسبب تفككها كنظام دولة، وهذا ينعكس على المجتمع بالمجمل، وهذا ما بينته النظرية الاجتماعية الماركسية، التي ترى أن التأثر والتأثير أمر حتمي بين السلطة والمجتمع، فكل تغير في البنية الفوقية المتمثلة بالسلطة السياسية، ينعكس على البنية التحتية المتمثلة بالمجتمع وعوامل الإنتاج والمصانع. فالاهتمام بالمعرفة والوعي السياسي هو اهتمام بالمجتمع ومحاولة تحويلة من مجتمع مستهلك إلى مجتمع إنتاجي. كما أن عبثية النظام السياسي، هو تشتت للمجتمع ومؤسساته.
فالدولة تتحمل الجزء الأكبر من تردي أوضاع البلد وضياع المجتمع، كونها العقل الذي يدير البلد ويوجه دفته نحو مرفأ التقدم والاستقرار.