العراق لم يعد أولويَّة

آراء 2023/06/14
...

 د.عبدالله حميد العتابي

لفت انتباهي خلال زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية انتوني بلينكن للملكة العربية السعودية في السابع من الشهر الجاري، ولقائه مع ولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان والذي دام لمدة ساعة و 40 دقيقة، وطبيعة المواضيع التي ناقشها الوزير الأمريكي مع الامير السعودي، والتي تناولت مواضيع من قبيل تطبيع العلاقات السعودية الاسرائيلية بحسب وكالة رويترز، وملف ايران واسعار النفط والامن الاقليمي والتصدي للتغلغل الصيني والروسي في المنطقة، والذي بدا يأكل من النفوذ الامريكي فيها، كما ناقشا قضايا اليمن والسودان وسجل المملكة في حقوق الانسان والخلاف بشان سياسة واشنطن تجاه ايران.
اكرر ما لفت انتباهي هو غياب العراق عن تلك المناقشات، فكل اجتماعات الامريكان مع نظرائهم السعوديين والخليجيين قبل وبعد سقوط الصنم في 2003 كان العراق على رأس المواضيع، التي يتناولها المسؤولون الامريكان اثناء زياراتهم.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا ماذا يعني ذلك لنا نحن كعراقيين؟
للاجابة عن هذا التساؤل لا بد من التوقف عند اعتقاد قد ترسخ لدى أذهان الأعم الأغلب من العراقيين، إن العراق مركز الكون وموقعه الستراتيجي وثروته النفطية وخيراته قد جعله قبلة للأطماع البريطانية، ومن ثم الأمريكية، وأن العالم لا شغل شاغل يشغله سوى (شغلة) العراق،هذا الاعتقاد قد رسخته دعاية وإعلام النظام الشمولي، الذي تسلط على رقاب العراقيين عقودا، وهو يروج تلك الاكاذيب لتبرير دكتاتوريته وبطشه ودمويته وتغييبه وتهميشه لشرائح متنوعة من العراقيين.
نعم للعراق موقع استراتيجي في الخليج العربي، لكنه ليس الوحيد الذي يمتلك هذا الموقع نعم العراق من أبرز مصدري النفط، لكنه ليس الوحيد الذي يصدر.
لدينا أعرق تاريخ في البشرية، لكننا اليوم نتصدر دول العالم بالتخلف والفساد، لماذا لا نعي هذه الحقيقة، لماذا لا ننبذ نظرية المؤامرة على العراق، التي روج لها البعث في عهديه البائسين: ( 8 شباط 1963- 18 تشرين الثاني 1963) و( 17 تموز 1968 – 9 نيسان 2003).
وبالعودة إلى الإجابة عن التساؤل اعلاه، فلا بدَّ من الإقرار بأن عدم عرض ملف الشأن العراقي في اجتماع ولي العهد السعودي مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية هو نصر حقيقي لحكومة العراق، والبداية الحقيقية لشفاء العراق من فيروس التدخل في شأنه الداخلي، وأن النظام السياسي الجديد في العراق نجح وللمرة الاولى منذ عام 2003 في إقناع الدول الكبرى ودول الجوار بأن العراق قد تعافى، ولم يعد خطرا على جيرانه، وأن الاختلال الطائفي، الذي حدث خلال الحقب السابقة، والذي كان يبرر للتدخل في الشأن الداخلي في طريقه للنهاية إن لم يكن انتهى.