زياد جسَّام من قاع نهره: الحياة اليوميَّة موضوعة فنيَّة

ثقافة 2023/06/14
...

 نوارة محمد

يعتمد زياد جسّام مدرسة التركيب في مشغله الفني، وهو وإن مال نحو التعبيريَّة التي تجسّد الجوهر فإنّه ينتج مقاربات بين المدارس، وأعمال فنيَّة غربيَّة إذ لم يبتعد كثيراً في أطروحاته عن فلسفة الأشكال وتناول القضايا التي تجسّد الواقع الذي غيّر المشهد والمتلقي العراقي
على حدٍّ سواء بعد عام 2003.
يعدُّ زياد جسّام الذي ولد عام 1974 والحاصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة فرع الرسم/ بغداد للعام 2000 - 2001 واحداً ممن عبّروا عن الجزء المَخفيّ الذي يتمثل في القاع، وأراد بعد أن اختار منطقة اشتغالات جديدة أن يجسّد الجانب الذي لم تنكشف أسراره للعلن، وهو يحمل في أعماقه مقتنيات على مرِّ التاريخ
في معرضه الأخير "قاع النهر".
وقال جسّام لـ "الصباح": قدمت أكثر من عمل تركيبي يحاكي القاع، كان أولها (أريكة) عام 2016 شاركت به في معرض الفن المعاصر الذي اقيم على قاعة وزارة الثقافة آنذاك، ولاقى العمل رواجا واسعا وآراء متضاربة لنقاد كثيرين شبهها بقاع النهر، من هناك بدأت هذه الاشتغالات أول مرة بثلاثة مجسمات وهي عبارة عن كتب كبيرة تصل إلى 2 ونصف متر، كعمل تركيبي اسمه "الحياة كتاب" شارك في معرض الكتاب الدولي.
وأضاف: هذه الكتب التي رماها المغول، آنذاك، جسّدت حربًا كبيرة واجهتها الثقافة العراقية وطمس التاريخ واحدة منها، إلا أنني صنعت مجسمات كتب خرجت من قاع النهر وهي مغطاة بالطحالب الخضراء، وفيها نبت جديد، وكأنّها تشير للمشهد الثقافي العراقي الذي لم يمت وهي في نمو مستمر.. وقد أخذت هذه الكتب اصداء عالمية.. حيث سافرت بعدها لدول عدة "ووجدت أن عملي قد وصلت أصداؤه وكتب عنه بلغات أخرى"، وفقاً لتعبيره.
يمزج جسّام بين الجمال والغموض، ويبدو هذا واضحاً على لوحاته. هو يرى أن موضوعة الحياة اليوميّة وما تحمله من متغيرات أنموذج واضح وصريح، وأن على الفنان أن يزج نفسه في هذه الدائرة كي ينعكس ذلك على فنه.
يتابع جسّام: منذ انطلاقتي الأولى في الرسم وهي في منتصف التسعينيات، عندما كنت أشارك في المعارض التي تقام في مركز الفنون، قدمت أعمالا ذات إثارة وغرابة في التقنيات والخامات، ووجدت أن موضوعات للمسألة الحياتية تحمل رسائل وقضايا لا تكاد تنتهي، وأرى أنَّ العمل الفني الذي لا يحمل رسالة معينة أو يناقش قضية معينة، قد يتحول إلى ديكور فقط، لأنّ الفن رسالة، وعلى الفنان أن يبحث في الحياة اليوميّة وهو يناقش ويسلط الضوء على القضايا التي تحتاج إلى حلول وتوثيق للتاريخ".

وأشار إلى أن هناك الكثير من الأشخاص لديهم موهبة ابداعية لكنهم لا يدركون ذلك، الفنان الذي يكتشف موهبته من ضروري جدا أن يدخل إلى عالم الفن بشكل اكاديمي مدروس، فهناك قواعد وركائز يجب على الفنان أن يرتكز عليها لبدء مشواره الفني بالتدريج، "غالبا ما أشير أن الفنان الذي لا يتقن الفن بشكل اكاديمي يبقى فنانا فطريا، وعليه أيضاً أن يزج نفسه في جميع أروقة الحياة اليومية، أن يرتاد المقاهي والمتنزهات والاماكن العامة، ويشاهد الافلام ويقرأ الروايات ويجالس الاشخاص المثقفين وغير المثقفين، وأن يخالط جميع أصناف العقول حتى تتولد لديه الافكار وتفتتح النوافذ التي تطل على العالم"، بحسب رأي جسّام.