محمد حسن الساعدي
مع دخول الشركات النفطية الغربية للعراق وتنقيبها عن النفط، وتحديدا في جنوب العراق، والأزمة بدأت تتفاقم في نقص المياه وتسبب في التلوث فيه، في الوقت الذي تتسابق في هذه الشركات، من أجل الربح خصوصا مع الارتفاع في أسعار النفط على أثر الأزمة الروسية الاوكرانية.
قلة المياه ونقص المياه القادمة من تركيا إلى العراق عبر نهري دجلة والفرات، أدت إلى نزوح الآلاف من الفلاحين وساكني المناطق الزراعية، ما أد إلى حالة من عدم الاستقرار، حيث تشير الدراسات التي نشرتها مراكز دولية بأن جنوب العراق الغني بالنفط، والذي يعد من أهم مصادر النفط العراقي وأحسنها نوعا وكفاءة، مقبل على حالة من الجفاف الخطير، التي سوف تصيبه تحديدا فقد أصبحت هذه الاراضي التي كانت من أهم مصادر السلة الغذائية للعراقيين، تتحول إلى أراضٍ موحلة وميتة.
الشركات النفطية تعمل على إدخال كميات كبيرة جدا من المياه إلى باطن الأرض، مقابل كل برميل يتم تسجيلها، حيث ويتم ضخ ما يصل إلى ثلاثة براميل من المياه إلى الأرض، لكل برميل النفط ما يعني انخفاض تدريجي للمياه في جنوب العراق، بالإضافة إلى قيام شركة موتير الإيطالية متعددة الجنسيات للنفط والغاز والتي تعمل في جنوب العراق منذ عام 2009 ببناء سد صغير لتحويل المياه من قناة البصرة إلى قنواتهان إضافة إلى استخدام أحد المصانع الاهلية في البصرة للمياه بنسبة تقدر بـ 25% من استهلاك المياه اليوم في منطقة يبلغ سكانها حوالي 5,000,000 شخص.
ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية والتي وثقت أزمة مياه في العراق بشكل جدي في عام 2012 انه احتياجات المياه في البلاد، بسبب استخراج النفط تزايدت إلى 10 أضعاف لذلك من الضروري على الحكومة العراقية، إيجاد البدائل والاعتماد على المياه الجوفية والتي من شأنها أن تزيد بشكل مباشر مع احتياجات الزراعة والاستهلاك، وعلى الرغم من التحذيرات التي اطلقتها المؤسسات الصحية، إذ عدّت أزمة المياه الحادة في جنوب العراق إلى نقل اكثر من 118,000 شخص إلى المستشفى مما ادى إلى اندلاع الاحتجاجات في بعض المدن جنوب العراق احتجاجاً على سوء الخدمات وتفشي الامراض والفساد في المؤسسات الصحية وتحديداً بجنوب العراق.
من المهم جدا أن تسعى الحكومة العراقية إلى إيجاد البدائل في عملية استصلاح الأراضي، إضافة إلى استخدام الأساليب الحديثة في عملية الارواء والاقتصاد في كمية المياه المستخدمة في الزراعة، والاعتماد على المياه الجوفية في استخراج النفط، بدل الاعتماد على مياه نهري دجلة والفرات، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بعمليات حرق الغاز، الذي يعد سببا آخر من مسببات زيادة أزمة المياه، قد أظهرت بيانات البنك الدولي انه تم إحراق 2.5 مليار متر مكعب من الغاز في الزبير بمحافظة البصرة لوحدها في عام 2022، وغيرها من اسباب ادت إلى استمرار ظاهرة التصحر، دون اي إجراءات حكومية من شأنها إيقاف هذا الهدر الخطير للماء، وانتشار ظاهرة التصحر في العراق عموماً.