هذا وقد افترقنا ضاحكين

آراء 2023/06/19
...

 حمزة مصطفى


في سيارة الوفود التي أقلتنا من مطار القاهرة الدولي إلى مقر إقامة الوفد العراقي برئاسة محمد شياع السوداني رئيس الوزراء إلى الفندق الفخم المطل على النيل، تبادلنا أنا وزميليّ فلاح المشعل والدكتور أسامة السعيدي أطراف الحديث مع السائق «محمد» الظريف اللطيف.

ومحمد كان مرحا أول الأمر، وهو يستعرض لنا المواقع والأبنية بمن فيها الجديدة التي لم نرها بعد، برغم زياراتنا إلى القاهرة من قبل عبر شوارع القاهرة ومنها أطولها شارع صلاح سالم، ثم سرعان ما تحول إلى «بكاء شكاء سخّاط على الوضع وأبو الوضع» إلى الحد الذي «طين عيشتنا» طوال يومي الزيارة.

هذا البكاء والنواح خصوصا هجماته المستمرة بمناسبة وبدونها على السيسي، حملت الدكتور أسامة السعيدي على طلب الهجرة إلى سيارة أخرى ترافق خلالها مع الدكتور عبد الرحمن المشهداني.

بلا شك وبرغم أزمة مصر المالية الحادة مع شبه انهيار للدولار، لكن هناك ما هو جديد ولافت للنظر من حيث العمران.

شوارع جديدة وأبنية جميلة ووسائل نقل متعددة.

بعد أن أخذ علينا محمد وأخذنا عليه حاولنا معرفة باسوورد شخصيته، ولماذا كل هذا الهجوم الحاد على السيسي، بينما عندما سألناه عن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك كال له المزيد من المديح متوقعا اكتساح نجله جمال نتائج الانتخابات، في ما لو رشح للرئاسة.

أردنا أنا والمشعل بعد أن تركنا السعيدي أن نستغل الوقت القصير المتبقي من الزيارة «يوم واحد بجدول رسمي مزدحم» فسألناه عن مقهى نأخذ فيها فنجانا من القهوة، فدلّنا على مقهى بعد محاضرة قصيرة عن الغلاء قائلا لنا «أدخلوها آمنين» وسوف أنتظركم في مكان قريب.

كانت المفاجأة الأولى إننا لم نجد مكانا للجلوس. 

انتظرنا عدة دقائق حتى قام أحدهم ليخلي لنا المكان.

المفاجأة الثانية الأسعار المرتفعة بينما كانت المقهى مزدحمة جدا.

ادخرنا سؤال المقهى لنواجه به محمد بعد خروجنا قائلين له بلغة المنتصرين، كيف تقول كذا بينما وجدنا الوضع في المقهى كيت.

ادخر هو حيلة لم نكن نتوقعها. 

فبعد العشاء الفاخر في سفارتنا الذي أقامه للوفد سفيرنا المتميز هناك الدكتور أحمد الدليمي، طلبنا منه القيام بجولة في شوارع القاهرة يتخللها مكان نتناول فيه الآيس كريم.

خلال الجول أشبعنا لطما وقهرا.

بقي «يفرفر» بنا في السيارة، لكي يثبت لنا أن مصر لم تعد كما كانت لا تنام في الليل بل باتت تنام «من وقت»

 بحيث لم نعثر على مكان نتناول فيه الآيس كريم. 

في اليوم الثاني ذهبنا إلى المدينة الإدارية الجديدة خارج القاهرة، حيث وجدنا فرصتنا للهجوم على محمد كون العاصمة الجديدة رائعة في كل شيء، أبنية وشوارع وأبراجا وحتى جوامع وكنائس.

كان رده إنها بنيت من قروض صندوق النقد الدولي الذي كبّل مصر ديونا هائلة. 

تكونت لدينا فكرة إن محمد من الإخوان المسلمين وبالتالي هو معارض أصلا للنظام.

ولكي نقطع الشك باليقين سأله المشعل ونحن في الطريق إلى المطار « محمد هل تشرب؟

كان جوابه «أيوه الحمد لله».

أخذتنا موجة من الضحك لكنه، ضحك كالبكاء.