علي حمود الحسن
احتلت نجمة إيطاليا وايقونة جمالها تونسية المولد كلوديا كاردينالي، الرقم سبعة في تسلسل قائمة نساء السينما الجميلات، اللاتي أحببتهن من طرف واحد، وتشببت بحسنهن ورواية قصصهن، وقتها- تماما نهاية ستينيات القرن الماضي-، حيث ما زالت طقوس مشاهدة الأفلام، تشكل واحدة من أهم مسرات العراقيين، لا سيما جمهور المناطق الشعبية، الذين لم يجدوا في التلفزيون، بديلا عن طقوس فرجتهم الاثيرة، التي غالبا ما يذهبون اليها جماعات، اذ تقلهم مصلحات نقل الركاب رخيصة الثمن باتجاه الباب الشرقي وصالات سينماته الشعبية، على شاكلة "ميامي"، و"الحمراء"، و"شهرزاد"، و"الرصافي" وغيرها.. ما زلت أذكر مشاهدتي لفيلمي "المحترفون"، و"هرقل الجبار"، "طبك" في سينما شهرزاد"، وهو تقليد شائع في سينمات الدرجة الثالثة، اذ يمنتجون فيلمين، أو أكثر ويعرضونها للجمهور-غالبيته فتيان وشباب- ببطاقة واحدة، كالعادة استحوذت أحداث "هرقل الجبار" على جمهور الصالة المكتظ، لكني تماهيت مع فيلم المحترفون، لا سيما أن بطله لي مارفن وصديقه برت لانكستر من نجومنا المفضلين، وكنا نتداول صورهم في " لعبة التصاوير" الشهيرة، وبدا رد فعل الجمهور فاترا على الفيلم، حتى ظهور "كلوديا كاردينالي" زوجة الثري، التي خطفها المتمردون المكسيكيون، فتعالى الصفير وصيحات الإعجاب، وتفاعلنا مع الأحداث، ووقعت في غرام هذه النمرة المتوحشة، بملامحها الشرق أوسطية، التي تفيض رغبة وفتنة، فلاحقت أخبارها، وتابعت أفلامها، وجمعت صورها ولصقتها بـ"عجينة" الخبز على حائط دكان بيتنا الصغير، بل بحثت عنها في درابين مدينة الثورة لعلّني أحظى بشبيهتها، هذه الممثلة الأيقونة التي قال عنها أحد صناع السينما "إنها ثاني اختراع إيطالي بعد السباغيتي"، ولدت عام 1938 في مدينة تونسية تدعى "وادي الحلق"، أغلب قاطنيها من الإيطاليين، وأكملت دراستها الثانوية فيها، ولفرط حِسنها فازت بمسابقة أجمل إيطالية في تونس العام1957، وكانت جائزتها بطاقة إلى مهرجان البندقية، اكتشفها منتج ورجل أعمال معروف، أحبّها وارتبط بها سرا، خوفا من زوجته وتبعات قانونية، لكنه فتح لها أبواب الشهرة، فمثلت عشرات الأفلام، قبل ذلك خاضت تجربة، وهي الرابعة عشرة من عمرها مع عمر الشريف في فيلم "جحا" (1958)، ثم عملت مع كبار مخرجي عصرها، منهم: فسكونتي " الفهد"، وفليني" 8، وسيرجي ليوني "حدث ذات مرة في اميركا"، وريتشارد بروكس "المحترفون".
مثلت كاردنالي عشرات الأفلام، وحصلت على أرفع الأوسمة والجوائز، خلال مسيرتها التي تجاوزت الـ(60) عاما، وما زالت حاضرة في المحافل السينمائية، آخرها: حضورها إلى مسقط رأسها تونس، اذ كرموها بإطلاق اسمها على شارع في وادي الحلق.. وعلى الرغم من شيخوختها، لكنها ظلت واحدة من آلهة الجمال في عصر السينما الذهبي.