سعد العبيدي
نجحت الحكومة الحالية عند انتصاف العام (2023) في إعداد موازنة هذا العام، وأضافت من عندها عامين تاليين، لتكون موازنة ثلاث سنوات، هي الأولى في تاريخ العراق الذي اعتادت حكوماته السابقة جميعها اعداد موازناتها سنوياً.
إعداد أو مخاض إعداد يسجل لها بجدارة، كذلك نجح البرلمان في تمرير هذه الموازنة الثلاثية، في ظروف بان فيها الجدل والتسويات والانتقادات ماثلة على جميع الصعد.
نجاح وإن تحقق بشكل ملموس، إلا أنه نجاحاً من النوع المرهون بقدرات الحكومة وجهازها التنفيذي على الردع والمراقبة والضبط، إذ إن إقرار موازنة بهذا الأمد سيفتح الطريق معبداً لإكمال مشاريع كانت متلكئة، ودرجات وظيفية إضافية، وإطفاء سلف، وإحالة مشاريع في محصلة تعني كماً كبيراً من المال، سيتم صرفه في محيط عمل محدود، وبوقت قريب نسبياً، وسيفتح بالوقت ذاته شهية البعض من الطفيليين والفاسدين للتفتيش بين ثنايا الصرف عن ثغرات.
وهنا يتسللون من خلالها للاستمرار في مشاريعهم الخاصة بالاستغلال، والكسب، والتحصيل غير الشرعي الذي اعتادوا عليها منذ عام التغيير والى حدود هذا العام، إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن قوانين النزاهة وخطواتها في المحاسبة، والضبط لم تصل إلى مستويات الردع النفسي بعد، الأمر الذي سيبقي كل هذا النجاح الذي حققته الحكومة مرهوناً بالإجراءات الإدارية والقانونية، التي ستتخذها للسيطرة على آليات الصرف، ومرهوناً بآليات المتابعة الأمنية لسلوك أولئك الفاسدين واللجان الاقتصادية للكتل والأحزاب، ومرهوناً أيضاً بالقدرة على تنفيذ سياسات الرقابة المالية بشكل دقيق وصارم، ومرهوناً كذلك بقدرة رئيس الحكومة على مقاومة ضغوط الساسة المتنفذين، الذين اعتادوا التأثير والتدخل في مواضيع الصرف والاحالة أحياناً، خطوات إن لم تتنبه لها الحكومة وتلتزم بتطبيقاتها الصحيحة، سيتحول النجاح إلى كوارث مالية إضافية تضيف أعباءً على الأعباء التي ما زال العراق يعاني منها بسبب عدم الالتزام.