زيارات وتفاهمات

قضايا عربية ودولية 2023/06/21
...

علي حسن الفواز


أسهمت زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بيلنكن للصين، بفتح أفقٍ جديد في مسار العلاقات الصينية الأميركية، وعلى نحوٍ جعلها أكثر تمثيلا لسياسة الأمر الواقع، وباتجاه البحث عن تفاهمات عقلانية تتسع للحوار والتواصل، لكي تُسهم في  تخفيف ضواغط العلاقات المتوترة بين البلدين، وبما يجعل المنافسة التجارية بينهما محكومة بالمصالح، من دون «أن تنحرف إلى نزاع» كما وصفها بيلنكن، لاسيما في التعاطي مع ملفات مشتركة، تخصّ قضايا المناخ، وحسابات التجارة العالمية، فضلا عما يتعلّق بالصراع في أوكرانيا، والحوار مع كوريا الشمالية بشأن برنامجها النووي، وموقف الصين من إعادة إحياء الاتفاق النووي 

مع إيران وغيرها.

هذه القضايا المُعلنة لا تعني التغافل عن ملفات أخرى، تخصّ قضايا الأمن في جنوب شرق آسيا، والموقف من المشكلة التايوانية، وما يتعلق بالأسلحة الستراتيجية، وحتى طريق الحرير، وهو ما بدا واضحاً في اللغة الدبلوماسية الناعمة للرئيس الصيني، والرغبة المشتركة في تجاوز عقدة اللاتفاهم بين الطرفين، برغم الاعتراف بوجود تباينات واضحة في المواقف السياسية والتجارية، وحتى الأمنية بينهما.

تأطير التنافس التجاري بين الصين والولايات المتحدة قد يكون المدخل الواقعي لمقاربة الملفات الأخرى، والعمل على خلق الظروف الإيجابية لاستقرار العلاقات، وصولا إلى معالجة الخلافات المُعقّدة، وعلى وفق ما تتطلبه المصالح من سياسات، ومن إجراءات وتوافقات، بعيدا عن سرديات الأزمة وشكوكها، لاسيما ما يتعلّق بالنشاطات العسكرية  في بحر الصين، وفي حساسية أنظمة المراقبة الجوية، وهي قضايا أثارت جدلاً حولها بعد أن أسقطت الولايات المتحدة منطاد المراقبة الصيني، وما رافقه من اتهامات تخص النشاط الاستخباري، وما يخصّ الدعم اللوجستي الذي تُقدّمه  الصين لروسيا في الحرب الأوكرانية.

التصريحات الأميركية بدت - هي الأخرى - وكأنها تعبير عن خطورة الاستمرار في مأزق العلاقات مع الصين، والحاجة إلى كثير من العقلنة الجيوسياسية لمواجهة تداعياتها، ولعل ما قاله الوزير بيلنكن قبل الزيارة « بأن هدف هذه الزيارة يرتبط بتجنب الحسابات الخاطئة مع بكين، في موازاة السعي إلى إيجاد مساحات تفاهم» يؤكد رغبة الولايات المتحدة في تبني خطاب  الواقعية الدبلوماسية، لأن ذلك سيكون « في مصلحة الولايات المتحدة، ومصلحة الصين، ومصلحة العالم» كما صرّح بذلك كبير الدبلوماسيين الأميركيين.