أدب وأدبـــاء

منصة 2023/06/22
...

  بهاء زهير أحمد القيسي *
كل شيء في الحياة هو ذو أصل عراقي سومري. ربما يجد البعض أن هذا المنطق متطرف أو مبالغ فيه.. لكنه حقيقة مطلقة.كيف هذا؟ جذور كل المسميات الحالية تعود للفترات السومرية والأكدية، ومرت إلى حياتنا الحالية وتواجدت فيها وبرسوخ من خلال التراكم المعرفي في مرور الأدوار الحضرية والمعرفية من دون ما نشعر.0
في هذا المقال سوف نجذر كلمة (أدب)، وإلى أي عمق في التاريخ تستقر .
في البداية كلمة (أدب) معجمياً هي: أدب- فعل، أدب .يأدِب. أدْباً..  فهو أدب والمفعول مأدوب للمتعدِي.
أي بمعنى.. راض نفسه أو قومه على محاسن الأخلاق والعادات.
وجاء في تعريفه أيضاً: من أدب مأدبه بمعنى أولم وليمة.. هذه المفردة مرت بمراحل عديدة تدرجت في مفهومها في العصر الجاهلي، كانت تعطي فهم الخلق النبيل والكرم. وبعدها أيضاً في العصر
الإسلامي.  قال رسول الله محمد (ص): "أدبني ربي فأحسن تأديبي". وقيل في المأثور (كاد الأدب أن يكون ثلثي
الدين).
وقد حجز هذا اللفظ من الباحثين منذ بداياته وإلى القرن الرابع الهجري. في لمن توسع في الثقافة.
وقيل له (مؤدب).. أي من يمتهن تعليم السلوك الحسن وتدريب النفس على الفضائل، وعلوم اللغة وما يتصل من انساب واخبار وأمثال ومعارف مع أستثناء علوم الدين والفلسفة لمن هم من الطبقات الخاصة، بمثابة أستاذ التربية والتعليم
الحالي.
لم يكن إصطلاح الأدب أو الأدباء، أو حتى أدب نفسه دليلاً لمن اشتغل في الشعر والنثر ونحوهما.
وقد قيل شاعراً وكاتباً ونحوهما.. ولا يقال أديباً لأنه وصف من سبق شرحه.  ‏ولم ترتسم صفة مصطلح الأدب والأدباء إلا بعد القرن الخامس الهجري، ‏حيث أخذت تدل على هذا المدلول، الذي ارتبط فهماً بفنون الأدب والنثر، حتى
 حديثاً ووضع ملامح تميزها الباحث (لاسل آبر كروبي)،  ‏في كتاب قواعد النقد الأدبي ‏(الأدب فن من الفنون يؤدي أغراضه بواسطة الألفاظ).

 ‏ الأدب ابتكار عراقي  ‏
سكن شعب بلاد وادي الرافدين مدينة باسم (أدب).. حالياً هي تقع في الديوانية (منطقة عفچ أو عفك) أو بسماية، هذه المدينة كانت ذات نفوذ سياسي وأقتصادي كبير، حيث شهد جيرانها والوافدين إليها، أو الذي رحل عنها مدى تطورها الإبداعي في الشعر وفنون النثر وملاحم الآلهة وتراتيل وأدعية الكهنة حتى توثيق الحوليات التي كتبت بطرق فنيه معبرة.
حيث أطلقت المجتمعات على  كل ما يتميز بجمال الكلمة وبلاغة اللغة وتمكن التعبير (أدب) والمتمثل من القادم من مدينة (أدب).. حيث اصبح اسم المدينة وفنون التعبير المتقدمة والبلاغية صنوانا لا يفترقان.  ‏ومن خلال توسع المجتمعات وتمازجها وامتدادها اختفى الأصل في معرفة سبب التسمية للمعرفيات والجمال اللغوي المكتوب، وغاب سر التسمية لكن بقيَّ تأثيرة بقوة ونفاء إلى الآن ..

 ‏قصة أصل مفردة أدب
تاريخياً ولد ‏هذا التميز المعرفي تم الكشف عنه من خلال أبحاث تنقيبية مادية وبحثية على أساس أقدم أشارة ورد أسم المدينة هذا في مجموعة نصوص تعود الى الدور الأخير من عصر الوركاء في الطبقة الرابعة 3100-ق.م، وكانت عبارة عن مجموعة من نصوص أقتصادية ذكرت فيها أسماء لمواقع جغرافية منها اسم مدينة أدب.

 ‏معنى اسم مدينة أدب
 ‏يعتقد الباحث روبرت بيكز، أن مقطع مقطع - الاسم يعني وقتا، يوما، ضوء شمس، عاصمة. وأقرب تفسير لها، وفي الغالب بمعنى. مدينة الشمس المرتفعة. أو مدينة اليوم
العظيم .
يشير الباحث جاكوبسن إلى أن أصل كتابة اسم مدينة أدب يرجع إلى أنه في العصور السابقة كان يرمز للمدينة بشكل طائر، وهذا تمت ملاحظته في الأختام، التي تعود لفترة جمدة نصر. التي عثر عليها المنقل وولي في مدينة  أور . التراث اللغوي الذي تركه هولاء الأقوام في مدينة أدب كان فيه مادة غزيرة من الأسماء والمواقع، التي شكلت لاحقاً أسس معتقداتنا وثقافتنا الحالية .
‏الأبجديات والقصص الملحمية والشعر الغنائي. كله يعود للفترة عينها. ‏التي ندعوها الآن الأدب التراثي أو الأسطوري أو حتى العرفي والمعرفي .
 يرى الباحث رزوق عيسى أن كلمة (أدب) في الأصل أيضاً.. تعطي معنى مدينة آدم أي موطن الأول .
 ‏إن كلمة آدم في العبرية تعطي معنى إنسان أيضاً، وكذلك تعطي الجنس البشري. وهي لفظة سومرية الأصل (أدبا)، ثم صحفها السومريون وأخذوا يطلقون عليها بمرور الأيام (آدم) والتي تعطي معنى
الإنسان .  ‏خلاصة القول إن كل شيء في الوجود أصله بشهادة ولادة عراقية. كيف ابتدأنا من ثلاثو احرف أ، د، ب لننتهي في بداية أخرى لجنس الإنسان.

*منقب آثار