نازك بدير*
ليس موقع الدولة هو ما يدخل في تحديد أهميّتها فحسب، إنّما ثمّة حسابات أخرى تُطرح في لعبة التوازنات؛ علاقاتها المتشابكة، سياساتها، وزنها الإقليمي والدولي، اقتصادها، استراتيجيّاتها. السعوديّة وإيران قوّتان إقليميّتان بدأت مفاعيل التقارب الحاصل بينهما تنعكس بشكل إيجابي على دول المنطقة.
بعد سبع سنوات عجاف، تستأنف العلاقات الديبلوماسيّة بين الدولتين انطلاقًا من مبدأ حسن الجوار، والرغبة المشتركة لحل الخلافات عبر الحوار. جاءت زيارة الوزير السعودي فيصل بن فرحان إلى العاصمة الإيرانيّة في إطار تنفيذ اتّفاق استئناف العلاقات بين البلدين، الموقّع في بكين في 10 مارس الماضي 2023، بوساطة صينيّة. وقال الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحافي أنّ العمل جارٍ على استئناف البعثات الدبلوماسيّة والقنصليّة في السعودية وإيران. وأشار بن فرحان إلى افتتاح السفارة الإيرانيّة في الرياض، والقنصليّة في جدة، وكذلك بعثة التعاون الإسلامي في 6 يونيو (حزيران) الحالي، مضيفاً أنّ سفارة السعوديّة في طهران سيتمّ إعادة افتتاحها. واستعرض الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مع وزير الخارجيّة السعودي الأمير فيصل بن فرحان (السبت 17 يونيو) العلاقات الثنائيّة وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات. وركّزت المحادثات على ضرورة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدولتين.
وأكّد الامير فيصل بن فرحان على «أهمية التعاون بين البلدين في الأمن الإقليمي وأمن الملاحة البحريّة»، إذ يطلّ كلاهما على الخليج الذي يمرّ عبره قسم كبير من صادرات النفط العالميّة. مشدّدا على»أهمية التعاون مع جميع دول المنطقة لضمان خلوّها من أسلحة الدمار الشامل». وذكر وزير الخارجيّة الإيراني أنّه ناقش مع نظيره السعودي مختلف أبعاد العلاقات بين البلدين، وقال إنّ أمن المنطقة أمر مصيري لمستقبلها.
استئناف العلاقات الديبلوماسية بين طهران والرياض، وتفعيل التبادل التجاري والاقتصادي بين الدولتين، والعمل لتوطيد الأمن في ممرّات الملاحة المائية سينعكس إيجابيًّا على المشهد في المنطقة والعالم، وسيؤدي إلى سحب فتيل التوتر، وتفكيك الألغام المزروعة في البلاد العربيّة، وتخفيف توجّس البعض من برنامج إيران النووي. أولى البشائر تمثّلت بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربيّة، الملفّ التالي هو اليمن. لكن، إلى متى يبقى لبنان رهينة الانتظار؟
كاتبة لبنانية