نرمين المفتي
بدءًا اقول بأنني لم استمع إلى كلمة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، في الاحتفال الرسمي الذي أقامته نقابة الصحفيين العراقيين في بغداد، بمناسبة مرور 154 على اصدار جريدة (زوراء)، والذي يعتبر تاريخا لعيد الصحافة العراقية، لكنني تابعت الاراء التي كانت معها أو ضدها. وللدقة، قرأت النقاط التي جاءت فيها بعد أن نشرتها قناة السوداني على التيليجرام. ربما تأخرت في الاشارة، وهذا ليس ذنبي انما التزامي بموعد نشر مقالي الاسبوعي في الصباح وهو الخميس، بينما كانت الكلمة يوم السبت الماضي.
أشار السوداني في البداية، واستنادا إلى قناته، إلى «تضحيات الصحفيين الذين استشهدوا في زمن الدكتاتورية، وفي سنوات الطائفية المقيتة، والذين ضحّوا بأرواحهم وهم يرافقون القوات الأمنية في الحرب على عصابات داعش الإرهابية»، والى الدور الوطنيَّ للكثير من الصحفيين، الذين وقفوا ضد الأجندات والمؤامرات الخارجيةَ التي استهدفت وحدة البلد وفي تشخيص حالات الخلل في الملفات، التي تمسّ احتياجات الناس، ونعوّل عليها في الكشف عن الفساد ومكافحته»، ثم «يجب ألّا تكون الصحافة منفذاً لمن يعتاش على الفوضى والادعاء وتشويه الحقائق، أو اتخاذها وسيلةً للابتزاز، وانهماك بعض وسائل الإعلام العاملة في داخل العراق وخارجه، ببثِّ السلبية، لغايات سياسية أو نفعية، ما تسبب بنفور خارجي حرم العراق من فرص للاستثمارِ والتنمية»، ودعا الصحافة ان «تنقل الوجه الايجابيَّ المشرق للعراق».
نتفق، انا وغيري من الصحفيين المهنيين، أن هناك من يدعي الصحافة وساعدته الظروف أن يتخيل أنه أصبح (اسما) أو (رقما صعبا) في الإعلام العراقي، من خلال الابتزاز الذي استخدمه تارة كشرطي، وأخرى كقاضٍ مما جعله قريبا لهذه القوة السياسية، التي تعارض تلك ويتناسى بأنه مكشوف جدا امام المتلقي، ونتفق ايضا على الدور السلبي الذي تلعبه بعض وسائل الاعلام العراقية سواء التي تبث من داخل العراق أو خارجه، هنا ليس للصحفي اي ذنب فهو يعمل لاجل راتبه، في وسائل اعلامية تتبع جهات سياسية أو رجال اعمال لبعضهم مصالح مع الفاسدين، وهذه الوسائل تعمل على التسقيط، سواء لبعضهم البعض أو الحكومة ان شعروا بأنها ستكشف فضائحهم. قد اشير إلى مقال سابق لي والذي طالبت به بوجوب توفر (ميثاق ميثاق أخلاقيات العمل والسلوك المهني) يلتزم به الجميع، في الإعلام الرسمي أو شبه الرسمي والخاص، مالكون ومسؤولون وعاملون، ومن يخترق أحد بنوده يكون تحت طائلة القانون، وهنا لا بد من التأكيد أن كشف ملفات الفساد وبالوثائق قطعا لا ينتهك مثل هكذا مواثيق، انما التسقيط يكون انتهاكا..
وملاحظة مهمة أخرى سبق وأن أشرت اليها أيضا وأكررها لأن لا قراءة لما نكتب وأن قرئت فلا توجد استجابة، وهي وجوب وجود وسيلة إعلام عراقية باللغة الانجليزية، لنقل ما يحدث في العراق بشفافية بدون تضليل. فالصحافة الغربية والعربية تشير دائما إلى الوضع في العراق، وهناك صحفيون يشيرون بمهنية كبيرة إلى ما يجري ولديهم الفرصة اكثر من الصحفيين العراقيين في الوصول إلى المسؤولين ومصادر المعلومات، وهناك بينهم من يلتزم باجندة الشركة التي يعمل بها، لذلك من الضروري وجود وسيلة اعلام عراقية بالانجليزية تضع الحقائق إن كانت مشرقة أو غيرها امام هذه الشركة، وتقطع عليها الطريق امام التضليل الاعلامي. وطوال عملي في شبكة الاعلام العراقي حاولت تأسيس وسيلة اعلامية كهذه، ودائما كانت ادارات الشبكة مرحبة، ولكن عقبات عديدة كانت توقفها، ومن بينها التمويل والافتقار إلى كوادر صحفية تتقن الانجليزية.
من واجب الصحفي الذي يعتبر ضميره رقيبا وطنيا أن يشير إلى الخلل، لينبه أو يحذر المسؤول الذي يؤدي عمله بضمير وطني ايضا، بعيدا عن الفساد والتصريحات عن انجازات غير ملموسة لا يستوجب الشكر، فهذا واجبه وعليه أن يعرف أن الصحفي المهني قطعا لا يتناسى الاشارة إلى منجز كبير أو إلى التفكير، بمشروع تنموي كبير حتى قبل تحويله إلى مشروع لجذب الرأي العام إليه.