علي نوري: العراق ما زال رائداً في الفن التشكيلي

ثقافة 2023/06/24
...

 بغداد: سرور العلي

كان العام 1985 هو التحول الجديد في حياة الفنان والنحات العراقي علي نوري، وتحديداً بعد دخوله كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد بقسم النحت الفخاري، إذ بدأ في عامها الأول بنحت تمثال بورتريه لشخصية جوديا التاريخية، أما دخوله عالم الفن والاتجاهات الفنية الفكرية فكان العام 1990، ومشاركته وهو ما زال طالباً آنذاك في مهرجان الواسطي عام 1986، ببورتريه من الفخار، وتم اقتناؤها من قبل وزارة الثقافة، ومن أول أعماله أيضاً تمثال العاشقان، وتمثال نصفي لباخوس من النحت الفخاري.
نشأ نوري في بيئة تبحث عن العلم والثقافة، من خلال والده الخطاط والفنان نوري علي ساطع، وكان موهوباً ويمارس الرسم منذ سن صغيرة، والفضل يعود لأخيه الكبير، الذي أرشده إلى عالم الفن، لتحقيق طموحاته.
ولفت إلى أنه في المرحلة الدراسية كان متأثراً بمايكل أنجلو، والنحت الواقعي المفرط، وكان من عشاق النحت الاغريقي وتماثيله، ومنها تمثال باخوس آله الخمر، أما في عالم النحت الفني فتوجه إلى المدرسة التعبيرية، وكان شغوفاً بأعمال رودان، كونه نحاتا مجددا في عالم الفن.
يبحث نوري بشكل متواصل عن أسلوب جديد، وفي بداياته النحتية أول خامة استخدمها كانت الفخار، ثم البرونز، والحجر الجيري، ثم الجرانيت بعد انتقاله إلى مصر، مؤكداً أنه من أصلب وأشد الخامات، برغم من عمله في جميع خامات النحت، بحسب الشكل أو المطلوب في العمل النحتي.
ويوظف نوري مفردات وقضايا عدة في أعماله، إذ أشار إلى أن كل ما يهمه هي هموم الشعوب، من تجويع وسياسات ماثونية، والتهجير والاضطرابات التي تخص البشر، وهذا يعتمد على مراحل حياته، وكانت أعماله النحتية الأولى تخص السياسة واحتكار السلطة في العراق، ثم مراحل بناء حياته الزوجية وغيرها.
شارك نوري في الكثير من المعارض الفنية الدولية، ومنها في إيطاليا، والصين، وتركيا، وتونس، ومصر، والبحرين، ومثل العراق فيها، وكانت مهمة بالنسبة له، وذلك لسمعة البلد في ظروف الحرب آنذاك، فضلاً عن أنه أقام ثمانية معارض شخصية في مصر، وقطر، والعراق، وكان كل معرض يقيمه يكون نتاج تجارب، ومراحل من حياته الشخصية التي يعيشها، ودائما يقدم بحثا إنسانيا، وكل ما يخص الإنسان في العالم، مثل معرض عن الهجرة والثبات، ومعرض عن اضطرابات الإنسان المادية والاقتصادية والسياسية، كما أن أعماله أصبحت مقتنياتٍ في كثير من بلدان العالم تقريباً.
وأوضح أن العراق ما زال الرائد في المنطقة بمجال الفن التشكيلي، والشخصية العراقية مبدعة وخلاقة، ولها طابع المجازفة والبحث الحقيقي، كما أن موضوعات الفن، وما جرى للعراق كان خزينا هائلا من الأفكار، والحركة التشكيلية تحتاج إلى دعم مادي ومعنوي من الجهات المختصة التي تمتلك المادة، وهذا يفتقر له العراق.
“أنا الآن في سن 58 عاماً، وفي كل وقت تعيدني ذاكرتي إلى طفولتي في بغداد، وإلى ذكريات جميلة، ونسمات ورائحة الورد والأرض، وصوت الطيور المهاجرة، وهديل الحمام، ومشاهدة مكتبة البيت، والرسم على الجدران، واتذكر كل مكان في منزلنا”، كما قال.
ويرى أن نتاج الأكاديمية والدراسة، هو بالتحديد النضوج الفكري، ومنها يبحث الفنان عن مصدر الإبداع لديه، لأن الفن من الممكن أن يكون تعليميا معرفيا، أو مكتسبا بالموهبة، لكن الخلق والإبداع، هو عمل بحثي وتجارب وفكر.
ويسعى نوري إلى تقديم بحث في معرض شخصي، يحمل رسالة هادفة عن المجتمعات في العالم، ويكون باسم النحت العراقي.