سلوك لا يشبه النوايا

آراء 2023/06/25
...

 نوزاد حسن


 ربما بسبب أحداث السياسة المعقدة، التي مر بها البلد صرت أتساءل أي المسألتين أكثر تعقيدا, مسألة رياضية أم قضية حب الإنسان لوطنه.

وأنا حين أطرح على نفسي هذا السؤال أكون حائرا مثل هاملت, وكأني أتحدث مع شبح.

 فكلا المسألتين على ما يبدو أعني مسألة في الرياضيات وقضية حب الوطن لا يمكن حلهما بسهولة.

هل من المنطقي التفكير بطريقتي هذه، إذ لا صلة لعلم الرياضيات بقضية وجدانية تتعلق بحب الانسان لمكان ولد ونشأ فيه.

لكني على اية حال وريث تاريخ سياسي ثقيل مليء بمشكلات لها ثقل المجرات التي تدور أرضنا حولها.

ومع ذلك لم أحسم بعد هذه المشكلة. 

أيمكن أن يكون تعلق الانسان بوطنه صعبا إلى هذه الدرجة، بحيث لا يجد إلا القلة إحساسا قويا يربطهم بهذه الأرض وعندها يقال, فلان وطني حتى النخاع, وفي هذه الحالة ممكن أن يقال لقد عثر ذلك الفرد على حل لمسألته الرياضية المعقدة, وعرف أخيرا سر حبه للوطن، الذي غالبا ما يكون حبا غامضا جدا وغير مفهوم.

أفكر دائما بهذه المعادلة الوطنية الغامضة: كيف يمكن لقوى سياسية خاضت معارضة طويلة ضد النظام السابق ثم لا تعطينا، دليلا على أنها تذوب شوقا للقاء الوطن.

سأطرح السؤال بصيغة أخرى فهو يستحق: كيف يمكن أن نصدق أن معارضا وصل إلى السلطة، ثم صار اسلوب ادارته للدولة لا يشبه نيته أيام كان معارضا.

أنا اتحدث هنا بعيدا عن التعميم,واقصد نسبة غير قليلة من القوى، التي كانت تقوم بدورها من أجل إسقاط النظام السابق. اليوم كما أرى أنا الحائر برياضيات عشق الوطن أن السياسة تختلف كثيرا, ولم أكن أتوقع أن نصل إلى هذه الدرجة من عدم الوضوح وتفشي حالات الفساد.

سيقال هناك تحديات لكن العشق فاضح إلى حد لا يمكن إخفاؤه.

واذا كان السياسي واقعا في غرام تراب الأرض، فهذا سوف يظهر عليه, وسوف نكتشفه كما نكتشف عاشقا يخفي حبه لفتاة من غير طبقته.

العشق الوطني، لو جاز القول مفضوح، حتى وإن لم تنظم فيه قصائد.

لا شيء يخفي عذاب الفرد الذي يخاف أن يكون وطنه مهدما, وخاضعا ومهددا بالازمات.

هل أتحدث الآن عن معادلة رقمية حسابية غامضة. أظنكم ستقولون نعم.