ستراتيجيات العسل والخراب

آراء 2023/06/25
...







 حسب الله يحيى


الوعود جميلة وأثيرة ومهمة،  وكثيرة كذلك ولكن ليس المهم جمالها وأثيرها واهميتها وكثرتها،  المهم هو مدى حضورها على أرض الواقع.

وإذا عرفنا أن الواقع مّر وصعب الاحتمال؛ أدركنا أن مدى الخيبات التي تلحق بنا،  جراء الوعود التي تقطعها الحكومة على مسامعنا كل يوم،  من دون أن نحصد منها شيئاً،  يمكن لنا ذكره أو التباهي به أو الاعتزاز بوجوده.

ولنأخذ الأمور على وفق النوايا الطيبة البعيدة عن حالات اليأس والإحباط،  لنأخذ مشاريع ستراتيجية (هكذا وصفتها الحكومة)،  تتعلق بطريق التنمية وقبله طريق الحرير،  وقد تبارى المحللون في وصف كلا الطريقين على أنهما يحولان العراق إلى جنات عدن!

ثم نتبين أن هناك (مذكرات تفاهم) بين الطرفين،  وأن الحرير والتنمية طريقان متضادان وكلاهما بين كفي عفريت،  لا يخلص من وعد بأحدهما حتى يسقط في وعد الثاني،  وكلاهما قيد التفاهم،  والتفاهم يطول إلى ما لا نهاية،  حتى نتبين أن (الستراتيجيات)،  لا تخرج عن إطار (البروباغاندا) أو الدعاية التي لا تدعو إلى ما هو خارج هذا الاطار المحمول والمحموم والمكلل بالوعود.

وكانت لنا آمال كبار،  كبار تتعلق بسكن آمن ومدارس لأبنائنا ومشفى لمرضانا وحديقة لشيخوختنا في ظل نخلة لم يقطع رأسها وتتحول إلى وقود للسمك (المسكوف)!

ولكي نتفاءل،  كنا ننتظر المنقذ لنا من كل المصائب والخيبات،  في ظل موازنة ثلاثية الابعاد والسنوات،  فإذا هي لا تخرج عن إطار التفاهمات والوعود والآمال الكبار،  ذلك أن الموازنة في الأصل ولدت معوقة بدليل أنها تعاني من عجز مالي بالغ الكلفة والتأثير على اقتصادين: الوطن والمواطن،  حتى أن (ستراتيجيات) الموازنة باتت تقوم على فرض ضرائب جديدة على المواطن بدل فتح سبل لإنعاش الاقتصاد العراقي وزيادة دخل المواطن اليومي،  فإذا نحن أمام معوقات شتى،  ذلك أن الموازنة كما باتت تبدو للجميع (تشرعن) التوزيع غير العادل بين المدن والوزارات ومخصصات الرئاسات الثلاث،  وتقوى على المواطن لمعالجة العجز،  بدلاً من معالجة الأمور على وفق خطط علمية واقتصادية ومالية يتقنها أصحاب الشأن الذين لا يستعان بهم،  وإنما تتم الاستعانة بمن لا خبرة لهم بوصفهم (مستشارين) لا يستشيرهم أحد،  ولا مشورة لجاهل بالتأكيد.

كما أن ما تم وضعه من (خطط واستراتيجيات) بعيدة المدى لمعالجة خيبات البلاد والعباد لا يمكن له أن يحل عقدة (أية عقدة) من العقد الكثيرة التي تشكل معوقات شتى امام مسيرة الحياة في العراق.

كذلك،  أصبح الأمر عصياً على الحكومة والمسؤولين تفهمه بشكل جلي وواضح،  وهو أن التغافل عن القضايا الأساسية والملحة للعراقيين وبخاصة (الستراتيجيات) الحقيقية للوطن والموطن،  معروفة،  ذلك أن كل عراقي بات يدرك أن هذا التسويف في حل العقد المستعصية،  لم تعد تنطلي على أبسط إنسان،  فلا شبكات ربط الكهرباء محلولة ما بيننا وبين دول الخليج،  بدل أن تكون هناك منظومة متكاملة لكهرباء وطني،  كذلك لا يعني في حال حقيقة الامر سوى أن (ستراتيجية) الحكومة في هذا الجانب اسوة بالستراتيجيات الأخرى سوى تسويف لأي إصلاح أو صلاح يمكن أن تحققه للعراقيين،  فالمال السائب،  حلال على الآخرين والأجانب،  وعصي على أصحاب ثروات البلاد،  فالأمر متروك لستراتيجيات (النفاق العربي والعالمي) أكثر منه بكثير مغازلة العراقيين بالوعود الستراتيجية التي لا تعمر بلداً ولا تشبع من جوع،  فالجوع القادم وحتمية أن نعيش تحت خط الفقر لم تعد ستراتيجية مستقبلية حسب،  وإنما أصبحت حالة معاشه حاضراً ومستقبلاً بعد أن كانت ماضياً مراً،  ويمتد إلى ما لا نهاية.