وليد خالد الزيدي
لم يعد الاهتمام بقطاع الآثار في كل البلدان مسألة تتعلق بالجانب الثقافي فحسب، بل هو أهم مصادر النماء لدى دول وحكومات توليه اهتماما كبيرا، لأثره الواضح في تشكيل هوية شعوبها وتنمية اقتصادياتها بعناصر اضافية واعدة، حتى أفردت له مؤسسات متخصصة وكوادرعلمية اكاديمية لادارته وتنمية صوره سواء كانت اثار شاخصة أو قطع فخارية أو معدنية أو مسكوكات نقدية أو مخطوطات تجسد عمق تاريخ الحضارة الإنسانية.
في تلك القضية لا بد من تاكيد الدور الحكومي الكبير في مجال الآثار، واحتواء رموز الحضارة العراقية بإعادة قطع اثارية جديدة والمطالبات باسترداد المزيد منها، لرفد متاحفنا بعناصر جذب سياحي اخرى تمثل رموز تاريخنا التي كانت تزين المتاحف العالمية وترفدها بمردودات سياحية كبيرة، حتى أصبحت ركائز رئيسية باشتهارها وجذبها للسياح والدارسين والمهتمين بها. تجلى الاهتمام بالاثار في فقرات زيارة رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد إلى بلدية ومتحف روما ولقائه عمدتها ما جسد عمق العلاقات التاريخية، وأهمية تعزيز التواصل وتبادل الخبرات بين الجانبين في المجال ذي العراقة، الذي تتمتع به الحضارتان العراقية والرومانية اللتين رفدتا الإنسانية بأسس البناء، وعززت لغة الحوار بين الشعوب وتأكيد ضرورة التعاون الثقافي والاقتصادي والعمراني بين بغداد وروما، وتكللت باستجابة الجانب الايطالي بالموافقة على زيارة وفود رسمية إيطالية إلى مناطق أهوار جنوب العراق وموقع مدينة أور الاثرية وتبادل الخبرات، وإعادة قطعة آثار عراقية تعود للألف الأول قبل الميلاد، من أحد متاحفها إلى العراق، وتطورت تلك التفاهمات إلى تأسيس مجلس اقتصادي عراقي ايطالي.
وبالتزامن مع الحراك تجاه ايطاليا تبنت الدبلوماسية العراقية تعزيز دور قطاع الاثار والسياحة، من خلال مذكرة تفاهم وقعها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع نظيره المصري مصطفى مدبولي، بهدف الاستعانة بالخبرات المصرية في مجال الآثار، من شأنه تعميق رؤية خاصة لانشاء قاعدة عريضة لإسناد وانضاج العمل المشترك وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين برافد جديد، لا سيما أن مصر لديها خبرة طويلة وتمتلك قوى عاملة فنية متخصصة لتفعيل هذا القطاع وامتلاك العراق رغبة كبيرة للتعاون فيه.
استثمار الدبلوماسية العراقية على مختلف المستويات بعقد شراكات هذا القطاع، سيواجه مردودات السياحة لصالح الاقتصاد الوطني وتعزيزه بعوائد مالية اضافية كرافد مستدام، لا يمكن تجاهل أهميته طالما اعتبرته دول الحضارات الانسانية القديمة اقتصادا متكاملا، وهنا تظهر الحاجة لدعم المؤسسات الحكومية كادارات المدارس في سفرات علمية وترفيهية للمتاحف، كبوابة للمعرفة وذاكرة يعتز بها العراقيون جميعا، وتنظيم المعارض في مواقع الاثار وللملحقيات الثقافية لسفاراتنا بالخارج أدوارا كبيرة بتلك المعارض للترويج لآثار حضارتنا وموجودات متاحفنا أو التعاقد مع شركات استثمار متخصصة لجذب السياح.